حلقاتك برجالاتك حلقة دهب في وداناتك
يا حنتوسك يا فنتوسك يجعل عمرك قد فلوسك
واهو جالك يابت
ريح بالك يا بت
بكرة ياستك الاساتك
بالدهب يملا دراعاتك
ويعوض كل اللى فات
الذهب اكتشاف مصري أصيل، ولع لا يتغير ولا يتبدل عبر الأزمنة، وعلامة الثراء، وحلم الزينة والخزينة، ودليل الغلاوة، ورمز الارتباط الأبدي، ونيشان المحبة كما كان يطلق على الشبكة في القرن التاسع عشر، ورفيق المصريين في تلك الفترة، من الميلاد للوفاة.
الفرنسيون عندما جاءوا إلى مصر غازين في بدايات هذا الزمن ذهلوا من كم الذهب والفضة الذي تلبسه وتقتنيه المصريات، حتى أنهم كتبوا أن امرأة حرفي في القاهرة ترتدي حُلي ومجوهرات أكثر من أملاك زوجها، وتحسدها عليها ثريات أوروبا.
وتحكي الحكايات أن الوالي محمد علي كان مولعًا بشراء الحلي له ولنسائه، حتى أنه طلب صناعة زهرة ذهبية مرصعة بالماس لأصغر بناته، وأن ابنته نازلي هانم كانت تلبس خاتمًا ماسيًا يساوي ألف كيس، وفى عهد حفيده الخديوى اسماعيل،كتب من حضروا حفلات الأوبرا أن نساء الذوات كن يلمعن خلف استار المقصورات من كثرة الحلي والمجوهرات اللامعة، ومطرزات الدهب والفضة والأحجار الكريمة على ثيابهن.
ذُكر أيضًا أن المصريات كن يعشقن الخواتم الضخمة المرصعة بالأحجار الكريمة، وكانت الطبقات العليا تقتني الفضة للرجال والذهب للنساء، أما العوام والفلاحين فكانوا يلبسون خواتم تشبه محابس عصرنا الحالي من النحاس أحيانًا، وترصع بالزجاج الملون، وتلك كانت فترة أفراح الأنجال وضرب المثل بالبذخ المذهل للخديوى إسماعيل فى شراء المجوهرات، اشترى من الخواجة “بنس” ما قيمته ٧٤٥ جنيها استرليني من المجوهرات، وفى نفس اليوم من الخواجة “بريحي” ما قيمته ١٩٠٠ جنيه استراليني، لزفاف الأميرة “عائشة”ويعد ذلك مبلغًا فلكيًا بمقاييس العصر.
ولأن الناس على دين ملوكهم تنافست كل الطبقات لشراء الباهظ والغريب من الحلي، “جاويدان” هانم زوجة الخديوي عباس حلمي” كتبت في مذكراتها أن المصريين يهتمون بالتحلي بالجواهر ببذخ ودون اختيار أو تنسيق، يرتدون كميات هائلة من السلاسل والعقود والأحجبة والمصاحف حتى أسفل الصدر، وعدد لا يُحصى من الأساور والخلاخيل والخواتم حتى في أصابع الأقدام، وأشارت إلى حكاية تروى أن أحد جنود “محمد علي” قطع ذراع امرأة فارس من المماليك لعجزه عن انتزاع الكم الهائل من الأساور في ذراعها، ذكرت أيضًا أن الملابس كانت تطرز بالذهب والفضة والفيروز والزمرد.
نساء الأرياف والطبقة المتوسطة كن يرتدين اللبات، والقلائد وأساور الذهب والفضة وعقود الشعيري، وسلسلة حبة الشعير، أما الفلاحين فكانت الشبكة عندهم عقد فضي وحلق وحزام وخلاخيل وحلي الرأس.
تحدث الكاتب “إدوارد لين” في كتابه، عن حلي أخرى سرعان ما انقرضت مع المدنية، مثل “الرابطة”، التي هى طربوش ومنديل يزينان بصفائح من الذهب أو الفضة والفضة المطلية (برق ،ترتر ، قشر سمك) فى تشكيلات زخرفية، و”المزاجى” وهو شريط من الموسلين طوله ١٥ قدمًا مزين بنفس الصفائح يلف حول الوسط، و”القرص الذهبي” الذي ترتديه عقائل النساء فوق الطربوش ويرصع بالماس والزمرد، وقصبات البرقع الذهبية وأغطية الرأس المرصعة وخواتم الأنف الذهبية، والفضية، سواء سميت “خزام أو شناف” كانت منتشرة أيضًا في الأرياف والمناطق الشعبية .
بعد حلى العروسة والنساء يأتي دور الذهب في أهم مناسبة بعد الزواج الميلاد يوم السبوع، ففي اليوم السابع لميلاد المولود يحتفل المصريون بسلامة الأم والمولود في طقوس تعود للألهة حتحور، يُرش فيه الملح ويدق الهون ويهز المولود في الغربال وتخطي “أم العيل” المبخرة سبع مرات، ويغني للطفل حلقاتك برجالاتك حلقة دهب في وداناتك، حلقة الآلهة ايزيس المستديرة التي ربطت الزواج هي أيضًا الحاضرة في إذن المولود.
أهم طقس في السبوع هو طقس القلة، للبنت والإبريق الفخاري للولد، حيث تقوم الداية بتعليق عودين متصالبين فوق الإناء الفخاري، يربط فوقهما تربيعة الأم الأغلى التي قد تحتوي على برق ذهبي أو “حلق شباك الحسين” ثم تلبس حلي الأم الحلق والكردان والأساور، وتوضع تحته صينية تملأ بالماء وسبع أصناف من الحبوب قمح، وشعير، وعدس، وفول الخ، وبعض العملات الفضية والذهبية وتوقد حوله الشموع طوال الليل، كل شمعة تحمل اسم، والتي تظل مشتعلة للنهاية يسمى باسمها المولود.
البعض يثقب إذن المولود في هذا اليوم، ويلبسه حلق ذهبي بخرزة زرقاء، أنثى أو ذكر لإبعاد العين، و كانت الأم تتلقى “النقوط”، الذي يكون أغلبه قطع ذهبية منقوش عليها أية الكرسى، أو لفظ الجلالة لحفظ المولود، ولو كان الأب ثريًا والمولود ذكر، كانت توضع عملات معدنية مختلفة في أكياس السبوع مع الحلوى والشمع، هذا في الفرح.
أما فب الحزن فلم ينسى المصري حليه، يقول الدكتور علي زين العابدين، أنه من العادات الشائعة في القرن التاسع عشر، عند تشييع الموتى من السيدات والصبيان من الطبقتين العليا والمتوسطة، توضع الجثة داخل صندوق من الخشب، ويغطى بشال، وعند موضع الراس يوضع شاهد من الخشب يغطى بشال، وتوضع عليه حلي الراس الخاصة بالسيدات “القرص الماسى والصفا والقصة” .
أما الصبى فيوضع عمامة تحلي بالقرص والصفا، وخاصة إذا كان صبيًا صغيرًا.
بعض تراكيب القبور كانت تُخط بماء الذهب، وتُرصع ببعض الأحجار نصف الكريمة، عادات أرجعها الدكتور زين العابدين، لأصول مصرية قديمة، ولكنها بطلت مع الزمن .
وحلقاتك برجالاتك
واعملك طاجن في برام..واقعدلك أسهر ما أنام
وأغزلك زعبوط بحزام ..واخطبلك بنت من الشام .
واهو جالك يا بت
واطبخيله الصبح بطة.
واطبخيله العصر بطة
وكترى يا بت الشطة
وريح بالك يا بت .