عندما محت كرامات السر الباتع الطوق الخلخال والشناف.
مداد يا سلطان يا أبو مدد واسع مدد على طول المداد، يا أبو مقامات عالية، الناس لها مقام واحد وأنت ليك ألف يا حبيبى .
عاشق يقول للحمام سلفني جناحك يوم.
افر بيه في السما العالي كدا كام يوم.
عشان أشاهد حبيبي في السنة لو يوم.
لا بقعد أرتاح ولا بأرقد يجيني النوم.
والزاد ممرر وعيني لم تشف النوم.
احنا سمعنا كلام من إلى قبلنا قالوا.
نار الخشب تنطفى ونار المحبة تدوم .
عندما كتب يوسف إدريس حكاية بحثه الطويلة عن سر السلطان حامد في قصة “سره الباتع” من مجموعة أرخص ليالي لم يترك لنا قطعة أدبية فريدة في تاريخ القصة القصيرة فقط، لكن ترك لنا أيضًا دون أن يقصد سجلًا حافلًا من عادات وثقافة وحياة الريف المصري الحقيقي، كتابة تعدت قوالب حكايات أبناء الطبقة المتوسطة العليا، الذين كانوا يقضون الاجازات في الريف، حكايات يوسف إدريس وقصصه تكتسب زخمها وبهاءها من أنها دائمًا كانت معجونة بتراب وعرق ودماء الأرض التى عاشت عليها الشخصيات و”سره الباتع” مدت جذورها في الأرض لمئتي عام، في عالم موازي للحكاية التقليدية، حكاية المدينة، عمر مكرم والشيخ السادات، و مينو وكليبر، ومراد وابراهيم، ومحمد على ونابليون، حكاية حامد السلطان، هي الحقيقة هي الناس، وما فعلوه وكيف قاوموا وحاربوا، لم يورثوا ولم يستسلموا.
“أنا السلطان، أنا إلى حاوريكم نجوم حمرا في عز الضهر”.
وقطعوه قطع ملايين، وكل قطعة بقت راجل،ولما حصلوا رأسه، كانوا حصلوا الشام، وكانوا ولاده بقم آلافات، قاموا على العدوين، وكل واحد يتلم على واحد ويشيله من فوق رأسه، ويرميه في قاع البحر، ولما خلص العدوين واتنضف البر، قال نحمدك يا رب .
بالطبع عند إنتاج عمل درامي مستوحى من قصة، فإنه ليس بالضرورة، أن يعبر عن نفس قناعات المؤلف، وأيضًا فإن للمخرج والسيناريست حرية التصرف في الأحداث، وإضافة الشخصيات، لكن هل لطاقم العمل حرية التحريف في الأزياء والحلي والأدوات والديكور؟ طالما حدد المخرج الفترة التاريخية التي تدور فيها الأحداث.
قد يرى البعض أن الحديث عن الأخطاء في الزي والحلي التي حفل بها المسلسل، أمر هين أمام أخطاء أخرى، لكن الأمر ليس كذلك، الزي والحلي هما القالب الذى تصاغ فيه الثقافة والظروف الاقتصادية والاجتماعية لعصر من العصور، ولذلك فعندما يرتدي الأبطال ملابس مشجرة مطبوعة بكلفة لم تعرفها مصر، إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بعد افتتاح قناة السويس، ومناديل بأوية تعود لأول القرن العشرين، ومصاغ بموديلات عصرية مصنع بالألة، فإننا بالتأكيد لا نتحدث عن الريف المصري، في شطانوف منوفية فى عهد الحملة الفرنسية، ولا حتى في النصف الأول من القرن العشرين، كما أن في هذا استهانة من أهل الدراما بأهل الريف حتى، وهم من المفترض ينتجون عملًا لتكريم كفاحهم
“بصوا العدوين لقوه بجلابية استهتروا بيه ”
كما استهتر المسلسل بزى الفلاحات الحقيقي في عهد الحملة، جلباب بسيط لا يميزه الكثير عن الجلباب الرجالي، إلا فتحة الصدر ،كما ذكر في كتاب وصف مصر، وسجل في رسومه تحته أو فى المنزل جلباب آخر من الكتان فاتح اللون يسمى “سبلة”، وعصبة للرأس، فوقها حبرة وبرقع، كان إخفاء الوجه الأهم، والمناطق التي لا تستخدمه تخفي المرأة وجهها عن الغريب، بتغطية الوجه بالحبرة، التى تمسكها بأسنانها، وكانت الأقدام حافية، ودائما تحمل فى يدها شيئ ما فى عمل مستمر جرة بلاص، طفل على كتفها مشنة فوق رأسها دومًا، مشغولاتن بطلب الرزق، يذكر الرحالة أن نساء الفلاحين لم يكن يحملن جرامًا من الشحم الزائد، لأنهن دائمًا يعملن في مساعدة أزواجهن، أجسام ممشوقة سمراء، ينظفنها بطمي النيل، وهن يستحممن في الترع عكس نساء الأغنياء، السمينات التى تملأ الواحدة منهن التخت ولديها عشرات الجوارى للخدمة، والقيام على الحمام، ويرتدين الحرير المقصب، والقطيفة على شكل قميص، وشنتيان أو تنورة وفوقه المأزر الغالية والبراقع الثمينة.
نساء الريف كن مقاومات كأزواجهن، ولهن مواقف بطولية في ضرب المماليك، والموظفين والمشاركة فى الثورة العام ١٨٠٦م، كن فاعلات في كل مجالات حياتهن البسيطة.
هذا عن الملابس أما الحلى والشعر فلم يذكر كتاب وصف مصر الكثير عنها، لكن كتاب، عادات المصريين المحدثين لادوارد لين، ومذكرات كلوت بك، ومذكرات العديد من المعاصرين ولوحات المستشرقين كانت وافية جدا بشأنها.
بداية فان المصريات كن يضفرن شعرهن في ضفائر صغيرة يتراوح عددها ما بين ١١ ضفيرة إلى ٢٥ ضفيرة، ويتركن شعر السوالف والقصة مفكوكا، الغنيات ونساء الأعيان كن يعملن فيها ما يسمى بالصفا، وهو تدكيك الضفيرة بخيوط القيطان الأسود المعلق فيها عملات ذهبية، وعقل، وحبات لؤلؤ، وكمثرات من الذهب والفضة، مشغولة شفتشي الصفا، كان يتكون من ٣٩ خيطًا، على الأقل وأكثر من ٣٥ قطعة برق مع ٣٩ ماسور و٣٩ قطعة نقدية بالإضافة للؤلؤ.
نساء الأعيان أيضًا كن يلبسن القصة أو العنبة، وهى أشبه بالتاج الذي يعلق على الربطة والشواطح ذات الشخاليل والأجراس، التي تدلى على جانب أو جانبي الربطة خلف القرط، أيضًا كان هناك حجاب عمود الصليب على جانب الربطة، الذي أصبح فيما بعد حجاب سملك.
كل النساء كن يلبسن الخلاخيل، خلاخيل نساء الأعيان كانت سلاسل من الذهب واللؤلؤ أما خلاخيل الريف، فهى من الفضة أو النحاس المسمط تشبه الأساور، وتصدر صوتًا عند الاحتكاك ببعضها، أثناء المشي، صاغة القاهرة كانت تغص بالحلى، وأيضًا كان يمكن صناعة بعضها وصاية على عكس الأرياف، كان على نساء الريف انتظار السوق الكبير لشراء الحلي الرخيصة، المصنوعة من الزجاج والخرز والودع والجلد، تتضمن عقودًا وأقراطًا وأساور، أو النزول للبندر، لمن هو أكثر تيسرًا لشراء الحلي النحاسية، أو الفضية المعلق بها خرزات ملونة، خاصة الأزرق، واتردت المرأة شناف الأنف لأو الخزام وهو القرط الذي يعلق فى الأنف، وغالبًا ما يكون من النحاس، وكان شائعًا جدًا بين نساء الريف.
وكثيرًا ما كانت النساء يلبسن عقودًا ملونة، فوق بعضها من الزجاج الرخيص، مع أطواق من الفضة أو النحاس أو الحديد حسب القدرة كذلك الخواتم النحاسية ذات الأحجار الرخيصة أو الزجاج، أما الأساور، فهى من النحاس الأحمر أو الأصفر وأحيانًا من الفضة والخرز.
وكانت الأساور الخرز شائعة جدًا باللون الأخضر، والأزرق وتسمى “غويشات”، البعض كان يحمل حجاب أو تحويطة في كيس جلدي يعلق بخيط في الرقبة، أيضًا العروس كان مصاغها حلق وخلخالين، وأساور وخزام وطوق من النحاس، أو الفضة ومعهم برقع نواحي الشرقية وبلقاس والمعصرة غير ذلك من البحيرة لأسوان، تمشى النساء بوجوه مكشوفة على حد ذكر الدكتور على زين العابدين، من تيسرت حالها من الريفيات، وتعلق في الربطة والبرقع بعض العملات المثقوبة، ويزيد فقراء المدن على شبكة العروس، خاتمين أو ثلاثة من النحاس أو الفضة.
أما عروس أعيان الريف فكان يصنع لها في المدينة لبة ذهبية وأساور مرصعة، وخزام ذهبي، وعيون وخلخال ضخم من الفضة وبرقع مرصع بعملات الذهب البندقي.
كل هذا بعيد كل البعد عن ما صوره المسلسل، والذي سيظل عالقًا للأسف في أذهان أغلبية تستقي ثقافتها ومعلوماتها من المسلسلات، ووسائل التواصل، فإلى متى سيظل صناع الدراما يستسهلون النمطية ؟
وحد الله، سيبك وقول يا باسط
إللي يزرع الجميل عمره ما يحصد غدر، والناس ما بتنساش
قدم لهم السبت تلاقي ألف حد قدامك.
وكله فدا السلطان مادااااد يا سلطان يا حبيبى على طول الماداد مادااااد .