شهد احتياطي الذهب لدى البنك المركزي المصري قفزة غير مسبوقة منذ 2022، ففي عام 2022 اضطلع المركزي بشراء كميات كبيرة من الذهب، إذ زادت المخزونات بنحو 47 طنًا خلال العام ويُذكر أن 44 طنًا منها تم شراؤها دفعة واحدة في فبراير 2022 ما رفع احتياطي مصر إلى نحو 125.6 طن بنهاية 2022.
واستمر توسع مصر تدريجيًا في 2023 و2024، فبلغ الرصيد حوالي 126.3 طن بنهاية 2023، و126.88 طن بنهاية 2024، وفي الربع الأول من 2025 (مارس) استكمل المركزي الزيادة ليصل الاحتياطي إلى 128.27 طن، بإضافة حوالي 1.4 طن وفقًا لتقرير مجلس الذهب العالمي.
أهم عمليات شراء الذهب
أبرزت البيانات العالمية كبرى عمليات الشراء المصرية خلال الفترة المذكورة:
-
فبراير 2022: احتل البنك المركزي المصري المركز الأول عالميًا كأكبر مشتري للذهب في الربع الأول، بعد اقتنائه حوالي 44 طنًا دفعة واحدة.
-
أوائل 2025: واصلت مصر الشراء، حيث أضافت 1.4 طن في الربع الأول من 2025، ما وضعها ضمن قائمة أكبر البنوك المركزية مشتريًا للذهب (بعد بولندا وأذربيجان والصين)
هذه المشتريات الضخمة تأتي ضمن استراتيجية طويلة الأمد لبناء احتياطي قوي من الذهب، وبحسب تقارير البنك المركزي، يقود هذا التوجه زيادة كبيرة ومتواصلة في قيمة الاحتياطي الذهبي.
أسعار الشراء والمكاسب
تبيّن مقارنة الأسعار أن الفارق بين أسعار الشراء القديمة والسعر الحالي محقّق مكاسب كبيرة. ففي أوائل 2022 كانت أسعار أونصة الذهب تقارب 1800–1900 دولار، بينما ارتفعت إلى نحو 3307 دولار في مايو 2025، وبناءً على هذا، فإن الذهب الذي تم شراؤه في 2022 يشهد ارتفاعًا يقارب 70–80% بقيمته الحالية، على سبيل المثال، فإن طنًا واحدًا من الذهب (32000 أوقية) الذي كُرِن بـ1900 دولار/الأوقية أصبح سعره اليوم يزيد بحوالي 1400 دولار للأوقية، أي ما يعادل مكسبًا تقديريًا يفوق 2 مليار دولار للـ47 طنًا الذي اشتُريت عام 2022. هذا الارتفاع في الأسعار يعزّز بقوة قيمة الاحتياطي ويضاعف العائد على مشتريات البنك المركزي السابقة.
تطور القيمة الإجمالية بالعملتين
أدى الارتفاع القياسي في الأسعار وزيادة الكميات إلى نمو هائل في القيمة الإجمالية لاحتياطي الذهب، ففي نهاية 2022 كانت قيمة الاحتياطي تقترب من 3.2 مليار دولار ارتفعت هذه القيمة إلى 8.44 مليار دولار بنهاية 2023، ووصلت إلى 10.644 مليار دولار بنهاية 2024 وبحسب بيانات مارس 2025، تجاوزت قيمة الاحتياطي الذهبي 11.85 مليار دولار أما بالجنيه المصري ففُتح حساب الاحتياطي بقفزة هائلة؛ حيث تضاعفت قيمته من حوالي 260.2 مليار جنيه بنهاية 2023 إلى 540.4 مليار جنيه بنهاية 2024، مع تقدير تجاوزها 600 مليار جنيه في أوائل 2025.
التاريخ | الاحتياطي (طن) | القيمة (دولار) | القيمة (جنيه) |
---|---|---|---|
نهاية 2022 |
125.6 طن
|
3.20 مليار
|
– |
نهاية 2023 | 126.3 طن | 8.44 مليار | 260.2 مليار |
نهاية 2024 | 126.88 طن | 10.644 مليار | 540.4 مليار |
مارس 2025 (نهاية 2025Q1) | 128.27 طن | 11.851 مليار
|
~600 مليار (تقديري) |
ارتفعت مكانة مصر بين دول العالم بفضل هذه الزيادات الكبيرة، وفقًا لتقرير مجلس الذهب العالمي لعام 2022، جاءت مصر في المركز الثالث عالميًا من حيث أكبر معدل نمو في احتياطي الذهب، متقدمةً على معظم الدول باستثناء تركيا والصين، وكانت القاهرة هي «أكبر مشترٍ للذهب» بين البنوك المركزية في الربع الأول من 2022 أما في الربع الأول من 2025، فقد سجلت مصر مشتريات صافية بلغت 1.4 طن، مما وضعها ضمن كبار مشتري الذهب عالميًا في تلك الفترة، بعدما تصدرت بولندا القائمة بواقع 48.6 طن، تلتها أذربيجان والصين
وفي تصنيف حجم الاحتياطي الكلي، تبوأت مصر مراكز متقدمة إقليميًا، إذ ارتفع رصيدها إلى نحو 126 طنًا بحلول 2023 (مقابل 75.6 طن لسنوات سابقة)، وهي قيمة تمكنها من الانضمام إلى «نادي الذهب» بين الاقتصادات الكبرى، هذه المكتسبات من الذهب عكست التزام مصر بسياسات نقدية رشيدة وجذبت اهتمام الأسواق الدولية.
أهمية الاستراتيجية وتأثيرها على الاقتصاد
تعتمد مصر من خلال هذه الزيادات استراتيجية لإدامة الاستقرار المالي وتعزيز ثقة المستثمرين بالجنيه. فالذهب يُعد «أصلًا مستقرًا» لا يتأثر مباشرةً بقرارات البنوك المركزية العالمية، وهو ما يساهم في تنويع سلة الاحتياطي وتقليل المخاطر المرتبطة بالتقلبات الحادة في سعر الصرف، كما يشير الخبراء إلى أن ارتفاع الاحتياطي الذهبي «يعزز الثقة في الجنيه المصري» عبر توفير غطاء قوي للعملة الوطنية ومع ارتفاع قيمته، يزاحم الذهب المخاطر التي قد تنجم عن التضخم العالمي، فهو ملاذ آمن يحمي الأصول الوطنية وقت الأزمات
وقد صرح خبراء مصرفيون أن الزيادة المستمرة في الذهب تدعم الاستقرار المالي وتحسّن من الثقة في الاقتصاد المصري فالأصول الذهبية تُسهم بزيادة احتياطيات العملة الصعبة، وهو ما سهل للبنك المركزي الحفاظ على صافي احتياطيات مرتفع رغم التحديات الخارجية الأخيرة ويرى محللون أن هذا التوجه قد ينعكس على التصنيف الائتماني للبلاد مستقبلًا، إذ «يعزز قدرة القطاع المصرفي على الصمود أمام الصدمات الخارجية» .
البنك المركزي والدور التاريخي في الأزمات
يلعب البنك المركزي المصري دورًا تاريخيًا في إدارة الأزمات عبر الترشيد والتنويع، ففي العقود الماضية كانت الاحتياطيات الذهبية ثابتة نسبيًا (~75 طن) لكن الحرب الروسية على أوكرانيا (2022) والتضخم العالمي حفّزا المركزي على إعادة تقييم استراتيجيته تجاه الذهب، فقد تحول الاحتياطي من استقرار نسبي إلى مسار صعودي غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، وذلك في إطار رؤية أكبر لبناء قاعدة أصول صلبة تضمن مناعة الاقتصاد المصري. وهذا التحول «وضع مصر في مرتبة متقدمة بين دول المنطقة من حيث حجم الاحتياطيات الرسمية من الذهب، ويعزز قدرتها على إدارة الأزمات المالية»، وتبعًا لذلك، توسع المركزي في أدوات اكتساب الذهب محليًا وعالميًا – بما في ذلك تشجيع الإنتاج من منجم السكري وطرح مزايدات للتنقيب– ليعزز الاحتياطيات دون زيادة الاعتماد على النقد الأجنبي
باختصار، جاءت سياسة تعزيز احتياطي الذهب انعكاسًا لخطة نقدية انطلق إقرارها في 2022، هدفها حماية الاقتصاد من تقلبات الأسواق العالمية، والنتيجة كانت زيادة في قيمة الاحتياطي الإجمالية، ودعم للثقة في الجنيه واستقرار النظام المالي المصري في وجه الضغوط الاقتصادية الخارجية.