في لحظةٍ كانت فيها الأسواق تترقب هدوءًا صيفيًا معتادًا، اشتعلت التوترات مجددًا في الشرق الأوسط، حيث شنت إسرائيل ضربات عسكرية ضد أهداف إيرانية، ما دفع بأسعار الذهب إلى الواجهة بقوة، لم تكن هذه مجرد قفزة عابرة، بل حركة لافتة تجاوز خلالها الذهب حاجز 3,425 دولارًا للأوقية، مسجلاً أعلى مستوياته منذ مايو الماضي.
وسط هذا التصعيد الجيوسياسي، لم يتردد المستثمرون طويلًا، إذ اتجهوا سريعًا نحو الذهب باعتباره الملاذ الآمن الأكثر رسوخًا في أوقات عدم اليقين، القفزة الذهبية لم تأتِ من فراغ؛ فإلى جانب الضربة العسكرية، ساهمت عوامل اقتصادية داعمة، منها تراجع التضخم الأمريكي وضعف الدولار، في تعزيز جاذبية المعدن الأصفر.
وبحسب تقارير صحفية، فإن الأسواق قرأت ما جرى باعتباره إشارة خطيرة لإمكانية توسّع النزاع، لا سيما في منطقة مضيق هرمز الحيوية. هذه المخاوف دفعت أيضًا بأسعار النفط إلى الارتفاع، ما زاد من حدة التوتر في الأسواق العالمية، خصوصًا مع تراجع مؤشرات الأسهم في آسيا وأوروبا.
وبينما تتفاعل الأسواق مع المشهد الميداني، يبرز سؤال اقتصادي محوري: إلى أي مدى يمكن أن يستمر هذا الارتفاع في أسعار الذهب؟
يرى محللون أن تجاوز مستوى 3,400 دولار قد يفتح المجال لاختبارات سعريّة جديدة قد تصل إلى 3,500 دولار في حال استمرار التصعيد، إلا أنهم في الوقت ذاته يحذّرون من أن موجات الارتفاع المرتبطة بالأزمات الجيوسياسية غالبًا ما تكون قصيرة الأجل، وتنتهي سريعًا في حال حدوث تهدئة أو اتفاق دبلوماسي مفاجئ.
ورغم ذلك، فإن ما يمنح هذا الارتفاع الحالي وزنًا إضافيًا هو اقترانه ببيانات اقتصادية داعمة، مثل التباطؤ في معدلات التضخم الأمريكية، وهو ما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي لتخفيف السياسة النقدية خلال الشهور المقبلة. هذا الأمر يمنح الذهب دعمًا مزدوجًا: سياسيًا واقتصاديًا.
وفي النهاية، يبقى الذهب هو الرابح الأول في أجواء القلق، بينما تراقب الأسواق العالمية عن كثب ما ستؤول إليه التطورات بين تل أبيب وطهران. فكل صاروخ جديد قد يحمل معه عشرات الدولارات الإضافية في سعر الأوقية.