قالت سارة حسني، الرئيس التنفيذي لشركة أسباير للاستشارات، إن جلسة اليوم في الأسواق العالمية بدأت على إيقاع مختلف تمامًا، بعدما استقبل المستثمرون أنباء الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت داخل الأراضي الإيرانية، ومع تأكيد هذه التطورات الجيوسياسية الحساسة، لم يتأخر الذهب في التفاعل، حيث قفز بنحو 1.5% متجاوزًا حاجز 2400 دولار للأوقية، فيما لحقت به الفضة بحركة أكثر هدوءًا، لكنها لا تقل دلالة.
وأضافت حسني أن رد فعل الأسواق لم يكن مفاجئًا، إذ أن الذهب، المعروف تاريخيًا بلقب “ملاذ الأزمات”، لطالما كان أول الأصول التي تستجيب فورًا للتوترات الجيوسياسية الكبرى. فمع تصاعد التوتر بين تل أبيب وطهران، عاد المعدن الأصفر ليتصدر المشهد، مؤكدًا دوره كأداة تعكس مستوى القلق العالمي وتُعيد تشكيل التوجهات الاستثمارية.
وأوضحت أن الفضة، وإن كانت أقل تأثرًا على المدى اللحظي، فإنها تواصل تسجيل أداء صعودي ملحوظ منذ بداية العام، مستفيدة من محركين أساسيين:
-
الأول هو الطلب الاستثماري المتزايد في فترات عدم اليقين، لا سيما من قبل المستثمرين الأفراد وصناديق التحوط.
-
والثاني هو الطلب الصناعي المتنامي، خاصة في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية، ما يمنحها بعدًا مزدوجًا بين الاستثمار والاستخدام.
وأشارت إلى أنه خلال العام الماضي، ارتفعت أسعار الفضة بنحو 15 إلى 20%، لكنها لا تزال متأخرة نسبيًا عن الذهب في الوتيرة، وهو ما لا يُعد ضعفًا بقدر ما يمثل فرصة كامنة، فالنسبة التاريخية بين الذهب والفضة (Gold/Silver Ratio) تقترب حاليًا من 100:1، وهي من أعلى مستوياتها تاريخيًا، ما يُفسَّر في التحليل الفني بأن الفضة “مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية” وقد تشهد موجة لحاق سعري قريبًا.
وذكرت حسني أن المشهد الحالي يرسم سيناريوهين محتملين:
-
على المدى القصير، من المرجح أن تظل أسعار المعادن الثمينة مرتفعة، في ظل استمرار حالة التوتر والتصعيد السياسي.
-
أما على المدى المتوسط، فإذا تصاعدت حدة الصراع أو اتسع نطاقه، فإن الأسواق قد تتجه إلى إعادة هيكلة المحافظ الاستثمارية، عبر زيادة الوزن النسبي للذهب والفضة كأدوات دفاعية.
ورغم الهدوء النسبي الذي تبديه الفضة مقارنة بالذهب، ترى حسني أنها قد تكون الحصان الأسود في المرحلة المقبلة، خصوصًا إذا واصل الذهب تسجيل مستويات تاريخية وبدأ المستثمرون في البحث عن بدائل معدنية تمنح عائدًا تنافسيًا.
واختتمت بالقول إن ما جرى اليوم ليس مجرد تطور سياسي في الشرق الأوسط، بل إشارة واضحة إلى حساسية الأسواق تجاه المخاطر. فالمعادن الثمينة — وعلى رأسها الذهب والفضة — أثبتت مجددًا أن قيمتها الجوهرية تتجاوز الاستخدام الصناعي أو الزينة، لتصبح مرآة للاضطرابات وميزانًا لحالة العالم.
وفي وقت يُعاد فيه “تسعير الخطر”، أكدت حسني أن الملاذات الآمنة لم تعد رفاهية استثمارية، بل أصبحت ضرورة استراتيجية في مواجهة المجهول.