قال أسامة زرعي، رئيس قسم التحليل في شركة جولد إيرا، إن الشركة قررت تأجيل إصدار تقريرها الأسبوعي إلى ما بعد افتتاح السوق، نظرًا للتحركات المتسارعة في العقود الآجلة للذهب، والتي تتراوح حاليًا بين 3390 و3411 دولارًا للأوقية، مضيفًا أن الأسواق المحلية قد تواجه صعوبة في التسعير نتيجة حالة التذبذب السائدة.
وفي تحليله للوضع الجيوسياسي الراهن، أشار زرعي إلى أن مجرد التلويح بإغلاق مضيق هرمز يُعد تطورًا بالغ الخطورة، نظرًا لتأثيره المباشر على سوق الطاقة العالمي، وانعكاساته المحتملة على أسعار الذهب.
وأوضح زرعي أن المضيق يمثل ممرًا استراتيجيًا لنقل النفط عالميًا، حيث تعتمد عليه دول الخليج بشكل شبه كامل، فالسعودية تنقل 88% من إنتاجها عبر المضيق، والعراق 98%، والإمارات 95%، والكويت، قطر، البحرين 100%، وإيران 90%، والصين 33% من وارداتها، والهند 40%، وكوريا الجنوبية 60%.
وأكد زرعي أن أي تهديد بإغلاق هذا الممر الحيوي يعني أن 20% إلى 30% من الإمدادات النفطية العالمية ستتوقف، وهو ما قد يقود إلى أزمة طاقة عالمية، وارتفاع حاد في أسعار النفط، وتصاعد مخاوف الركود الاقتصادي، واحتمالية ضعف الدولار نتيجة سياسات البنوك المركزية التيسيرية.
ولفهم العلاقة بين الذهب والتوترات الجيوسياسية، استعرض زرعي عددًا من المحطات التاريخية التي شهدت تكرار هذا النمط من السلوك في الأسواق، ففي أزمة النفط عام 1973، على سبيل المثال، ارتفع الذهب بأكثر من 70% نتيجة الحظر العربي وتضخم أسعار البترول، أما خلال غزو العراق للكويت عام 1990، فقد قفز الذهب من 380 إلى أكثر من 400 دولار في غضون أسابيع، وسط ذعر الأسواق. وفي عام 2012، حين لوحت إيران بإغلاق المضيق، ارتفع الذهب من 1570 إلى 1790 دولارًا خلال 6 أسابيع فقط.
كما أشار إلى هجمات صيف 2019 على ناقلات النفط قرب مضيق هرمز، والتي أدت إلى صعود الذهب من 1320 إلى 1430 دولارًا في أقل من شهر، بينما سجل المعدن الأصفر قفزة أخرى بعد اغتيال قاسم سليماني في يناير 2020، حيث ارتفع إلى 1588 دولارًا في يوم واحد فقط. وفي تصعيد البحر الأحمر في أكتوبر 2023، قفز الذهب بنسبة 94% خلال 24 ساعة، في واحدة من أكثر التحركات صدمة للأسواق.
وقال زرعي إن الأسواق تفتح على قدر كبير من الترقب، وإن الأحداث المقبلة قد تعيد رسم خريطة التحوطات العالمية، مؤكدًا أن الذهب لا يزال في صدارة الأصول الدفاعية في وقت تتزايد فيه المخاطر وتضيق فيه الخيارات أمام المستثمرين.