رغم تباطؤ تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) وتراجع المراكز الشرائية الصافية في سوق العقود الآجلة، لا يزال الذهب محافظًا على دعائم صعوده بفضل مشتريات البنوك المركزية والطلب كملاذ آمن، وفقًا لما أكدته إيوا مانثي، محللة السلع في ING.
وفي تقريرها الشهري، أوضحت مانثي أن ارتفاع أسعار الذهب توقف منذ أن لامس مستويات قياسية تجاوزت 3500 دولار للأوقية في أبريل الماضي، ورغم هذا التباطؤ، لا تزال الأسعار مرتفعة بنسبة تقارب 28% منذ بداية العام، مدعومة بالحرب التجارية العالمية والمخاطر الجيوسياسية واستمرار مشتريات البنوك المركزية.
وأضافت أن تدفقات صناديق الذهب المتداولة بالبورصة لعبت دورًا مهمًا في دفع الأسعار خلال النصف الأول من العام، الذي شهد أفضل أداء نصف سنوي منذ 2020، لكن في الأسابيع الأخيرة، بدأت هذه التدفقات في التراجع، ما يشير إلى تراجع نسبي في شهية المستثمرين، على حد تعبيرها.
وبينما تتراجع المراكز الشرائية الصافية في العقود الآجلة، تستمر البنوك المركزية في الشراء دون انقطاع منذ بداية العام، فبحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، أضافت البنوك المركزية نحو 20 طنًا إلى الاحتياطات العالمية خلال مايو، مقارنة بـ27 طنًا كمتوسط شهري خلال الـ12 شهرًا السابقة.
وكان البنك المركزي الكازاخستاني في صدارة المشترين بواقع 7 أطنان، تلاه كل من تركيا وبولندا بواقع 6 أطنان لكل منهما، بينما قامت سلطة النقد في سنغافورة ببيع 5 أطنان خلال نفس الفترة.
وفي يونيو، واصلت الصين أيضًا تعزيز احتياطاتها للشهر الثامن على التوالي، حيث أضاف بنك الشعب الصيني 70 ألف أوقية تروي، ليرتفع إجمالي ما تم شراؤه منذ نوفمبر الماضي إلى 1.1 مليون أوقية (نحو 34.2 طنًا).
وأشارت مانثي إلى أن استمرار الضبابية الاقتصادية ورغبة البنوك في تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي، سيدفع بمزيد من المشتريات خلال 2025، إذ أظهر استطلاع مجلس الذهب العالمي الأخير أن:
-
43% من البنوك المركزية تتوقع زيادة احتياطاتها من الذهب.
-
95% منها ترى أن الاحتياطات الرسمية العالمية ستواصل الارتفاع خلال الـ12 شهرًا المقبلة.
-
وتستند هذه التوجهات إلى اعتبار الذهب أداة تحوط ضد الأزمات والتضخم.
وكشفت ING أن البنوك المركزية اشترت مجتمعة 1045 طنًا من الذهب في 2024، بما يمثل نحو 20% من الطلب العالمي، وكانت كل من بولندا والهند وتركيا في مقدمة المشترين.
وفيما يتعلق بالأداء اللحظي، سجلت أسعار الذهب الفوري قمة خلال الجلسة عند 3365 دولارًا للأوقية، لكنها فشلت للمرة الثالثة في اختراق هذا الحاجز، وتراجعت إلى 3320 دولارًا بحلول الظهيرة، قبل أن تستقر لاحقًا عند 3329.53 دولارًا، بانخفاض يومي قدره 0.53%.
ورغم أن الذهب لا يزال يتحرك في نطاق تداول ضيق، تؤكد مانثي أن المحفزات الصعودية لا تزال قائمة، لكنها بحاجة إلى دافع جديد.
وتضيف:”التوترات التجارية مستمرة، خاصة بعد تهديد الرئيس الأمريكي ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من الأول من أغسطس، ما لم يتم التوصل لاتفاق جديد، ومع تصاعد المخاطر الجيوسياسية، ربما لا نحتاج إلى الكثير لإشعال موجة صعود جديدة”.
ومع ذلك، تُحذر مانثي من أن استمرار الأسعار المرتفعة قد يُضعف الطلب الاستهلاكي، مما يحد من فرص المزيد من الصعود في الأجل القصير.