قال المحلل الاقتصادي نور الدين محمد، إنه مع توجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل بمقدار ربع نقطة مئوية، فإن ذلك من شأنه زيادة جاذبية الذهب، موضحًا أن القاعدة الاقتصادية الأساسية تشير إلى أن الذهب أصل غير مدر للعائد، وبالتالي فإن أي خفض في أسعار الفائدة يقلل من تكلفة حيازته، مما يصب في صالح المعدن النفيس.
وأضاف، خلال مقابلة على تلفيزيون العربية، أن هناك نقطة مهمة يجب أخذها في الاعتبار، وهي البيانات الاقتصادية الأخيرة التي صدرت على مدار الأيام الأخيرة والمتعلقة بالتضخم، حيث كانت التوقعات السابقة تشير إلى أن التعريفات الجمركية سيتم تحميلها على المستهلكين، إلا أن هذه التكاليف بدأت تنعكس بالفعل على أسعار المنتجين.
وأوضح أن مؤشر أسعار المنتجين (PPI) جاء أسوأ من التوقعات وأدنى من القراءة السابقة لشهر يونيو، وهو ما قد يدفع إلى تراجع احتمالات خفض الفائدة في سبتمبر بعد أن كانت التقديرات تتراوح بين 85% و89%. وتابع أنه إذا استمرت مؤشرات التضخم عند هذه المستويات، فقد لا نشهد خفضًا للفائدة في الولايات المتحدة حتى نهاية العام.
عن تقلبات سوق الذهب الأخيرة
أوضح نور الدين أن التقلبات التي شهدتها السوق مؤخرًا تعود بالأساس إلى احتمالات فرض رسوم على واردات الذهب في الولايات المتحدة، وهي الأنباء التي ظهرت نهاية الأسبوع الماضي، وأدى ذلك إلى إقبال المشترين على العقود الآجلة للذهب أكثر من السوق الفوري، مما تسبب في فجوة سعرية كبيرة بين الجانبين، حيث كان السعر الفوري يدور حول 3400 دولار للأوقية، بينما سجلت العقود الآجلة مستويات بين 3514 و3516 دولارًا، وهي فجوة لم تحدث منذ فترة طويلة.
وأشار إلى أنه بمجرد أن تراجعت تلك الأنباء وصرح البيت الأبيض بعدم وجود نية لفرض هذه الرسوم، وأكد بنك “جولدمان ساكس” أنه لا توجد خطط حاليًا أو مستقبلًا لفرض رسوم على واردات الذهب، بدأت هذه الفجوة في الانكماش.
وتوقع ألا نشهد فجوات مماثلة بين الأسعار الفورية والآجلة في الفترة المقبلة، إلا إذا صدرت قرارات أو قراءات للسوق تم فهمها بشكل خاطئ ثم جرى تصحيحها لاحقًا.
حول تأثير تحركات الدولار
قال نور الدين إن تأثير التقلبات الحالية في الدولار سيكون أكبر على العملات الأخرى التي يمكن استبداله بها، مثل اليورو والفرنك السويسري والدولار الأسترالي، مشيرًا إلى إمكانية أن نشهد مستويات أعلى لهذه العملات أمام الدولار.
أما بالنسبة للذهب، فقد تحرك بالفعل إلى مستويات مرتفعة منذ بداية العام، إذ ارتفع بأكثر من 20%، وبنحو 95% منذ منتصف 2022، وهي أرقام قياسية إذا ما قورنت بمتوسطات العشرين عامًا الماضية.
ولفت، إلى أن البنوك المركزية حول العالم كانت تشتري الذهب منذ منتصف 2022 وحتى اليوم، مما عزز احتياطياتها بشكل كبير، وكذلك صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، إلا أن وتيرة الشراء تباطأت منذ فبراير الماضي، حيث تحولت إلى الشراء عند الانخفاضات بدل الشراء القوي المستمر كما كان الحال في العامين الماضيين.
وأكد أنه لا يتوقع حركة صعود قوية لأسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن أزمة الرسوم الجمركية المحتملة لم تدفع الأسعار الفورية لتسجيل قمم جديدة، بل كان الارتفاع في العقود الآجلة فقط.
مشتريات البنوك المركزية ودورها في السوق
شدد نور الدين على أن مشتريات البنوك المركزية ستستمر ولكن بوتيرة أضعف، حيث ستتحول الصفقات الضخمة التي كانت تصل إلى 50 أو 100 طن إلى مشتريات أصغر تتراوح بين 5 و10 أطنان، وذلك بعد أن وصلت أغلب الدول إلى مرحلة “تأمين” احتياطياتها الذهبية.
وضرب أمثلة بالصين وتركيا وروسيا التي كانت في السابق تعلن عن زيادات كبيرة في احتياطياتها، لكنها اليوم تبطئ وتيرة هذه الزيادات.
وأشار إلى أن بعض الأزمات الجيوسياسية بدأت تجد حلولًا، وأن الأسواق تترقب لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، معتبرًا أن نتائج هذا اللقاء قد تؤثر على أسعار النفط والذهب معًا.
واختتم نور الدين حديثه بالإشارة إلى أن صناديق المؤشرات (ETFs) قد تبدأ بالتخلي عن بعض مراكزها في الذهب لصالح الاستثمار في عملات أو أصول أخرى مثل الأسهم، وهو ما قد يشكل ضغطًا سلبيًا على أسعار الذهب ما لم تطرأ أخبار أو قرارات غير متوقعة تغير مسار السوق.