شهدت أسواق المعادن النفيسة قفزات قوية خلال تعاملات اليوم الإثنين، حيث سجّل الذهب مستوى قياسيًا جديدًا متجاوزًا حاجز 4,100 دولار للأوقية، بينما لامست الفضة أعلى مستوياتها منذ أكثر من أربعة عقود، في ظل اشتداد الطلب على الأصول الآمنة مع استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي وتفاقم أزمة السيولة في سوق لندن.
الذهب يواصل تحطيم الأرقام القياسية
ارتفعت عقود الذهب الآجلة لشهر ديسمبر بمقدار 95.20 دولارًا لتصل إلى 4,095.80 دولارًا للأوقية، فيما تجاوز الذهب الفوري مستوى 4,070 دولارًا قبل أن يسجل 4,104.30 دولارًا كأعلى سعر على الإطلاق.
ويرى محللون أن هذا الارتفاع التاريخي يعكس اندفاع المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن في ظل المخاطر السياسية والاقتصادية العالمية، خاصةً بعد أن دخل الإغلاق الحكومي الأمريكي أسبوعه الثالث دون بوادر انفراج.
الفضة تقفز قرب 52 دولارًا وسط «ضغط قصير» تاريخي في لندن
سجّلت الفضة الفورية قفزة قوية بنسبة 3.1% لتصل إلى 52 دولارًا للأوقية، وهي أعلى مستوياتها منذ عام 1980، مدفوعة بما وصفته بلومبرج بأنه “ضغط قصير تاريخي” نتيجة نقص السيولة في سوق لندن.
وأشارت الوكالة إلى أن الأسعار في لندن ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة مقارنة بنيويورك، ما دفع بعض التجار إلى نقل سبائك فضة جوًا عبر المحيط الأطلسي — وهي خطوة نادرة عادة ما تُخصَّص لنقل الذهب فقط — للاستفادة من الفوارق السعرية الهائلة.
كما صعدت البلاتين والبلاديوم بدورهما، مع مؤشرات على امتداد أزمة العرض والطلب إلى باقي المعادن النفيسة.
المشهد السياسي: الإغلاق الأمريكي يعمّق التوتر
ذكرت بلومبرج أن قرار الرئيس دونالد ترامب بإصدار أمر بتسريح دائم لموظفين فيدراليين زاد من حدة المواجهة السياسية مع الديمقراطيين، الذين يرفضون إعادة فتح الحكومة دون مفاوضات مباشرة بشأن تمديد دعم التأمين الصحي.
ويرى المراقبون أن استمرار الأزمة قد يعزز حالة عدم اليقين المالي ويزيد الطلب على الذهب.
توترات تجارية جديدة بين واشنطن وبكين
وفي تطور آخر، أبدت الإدارة الأمريكية انفتاحًا على التفاوض مع الصين لاحتواء التوتر التجاري المتصاعد، لكنها وصفت القيود الصينية الجديدة على تصدير المعادن النادرة بأنها «عقبة رئيسية أمام أي اتفاق».
كانت بكين قد فرضت رسومًا جديدة على السفن الأمريكية وبدأت تحقيقات ضد شركة كوالكوم، إلى جانب إعلان قيود صارمة على صادرات العناصر الحيوية، مما أعاد المخاوف من حرب تجارية شاملة.
النفط يهبط إلى أدنى مستوياته في 4 أشهر ونصف
انخفضت عقود خام نايمكس الأمريكي بأكثر من 3 دولارات للبرميل يوم الجمعة لتصل إلى نحو 58 دولارًا، وهو أدنى مستوى منذ أربعة أشهر ونصف، قبل أن تتعافى قليلًا إلى 59.75 دولارًا في التعاملات الليلية.
ويرى المحللون أن تجدد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى ارتفاع إنتاج «أوبك+»، قد يضغط على أسعار النفط عالميًا، خاصة مع تراجع علاوة المخاطر الجيوسياسية بعد تقدم المفاوضات نحو هدنة في غزة.
تشهد أسواق المعادن النفيسة موجة صعود غير مسبوقة تقودها مخاوف سياسية وتجارية عالمية، إلى جانب اندفاع المستثمرين نحو الأصول الآمنة.
ورغم المكاسب القياسية، تحذر التحليلات الفنية من ارتفاع مستويات التذبذب واحتمال ظهور عمليات جني أرباح قصيرة المدى، خصوصًا في ظل التشبّع الشرائي الحاد في الذهب والفضة.
لكنّ الاتجاه العام يبقى صعوديًا طويل الأجل بدعم من ضعف الدولار الأمريكي، وتزايد الطلب المؤسسي، ومشتريات البنوك المركزية حول العالم.