رغم بلوغ أسعار الذهب مستويات قياسية غير مسبوقة قرب 4200 دولار للأوقية، يرى إيفي هامبرو، الرئيس العالمي للاستثمار القطاعي والموضوعي في شركة بلاك روك (BlackRock)، أن المعدن الأصفر لا يزال يمتلك فرصة للارتفاع أكثر، مؤكدًا أن أسهم شركات التعدين قد تشهد مكاسب تفوق في قوتها أداء الذهب نفسه خلال المرحلة المقبلة.
وقال هامبرو في مقابلة مع بلومبيرج، إن شركات إنتاج الذهب تحقق حاليًا أرباحًا استثنائية.
وأضاف:”هل تجني شركات الذهب الكثير من الأموال الآن؟ بالتأكيد نعم، الهوامش الربحية هي الأفضل التي رأيتها في مسيرتي.”
وأشار إلى أن هذه الأرباح الكبيرة قد تُعدّ إشارة إلى أن الأسعار بلغت مستويات عالية نسبيًا، لكنها لا تعني بالضرورة أن الذهب نفسه بات مبالغًا في تقييمه، موضحًا أن الحكم على ذلك يتطلب النظر إلى قيمة الذهب مقارنة بالسلع والأصول الأخرى.
الذهب يحافظ على قوته الشرائية جزئيًا
وأوضح هامبرو أن تحليلات «بلاك روك» أظهرت أن الذهب حافظ على قوته الشرائية في بعض السلع منخفضة القيمة مثل الأغذية، لكنه فقد جزءًا منها في الأصول مرتفعة السعر.
وقال:”اليوم يمكنك شراء عدد أكبر من السلع البسيطة مثل البرجر أو المنتجات الغذائية باستخدام الذهب مقارنة بالماضي، لكنك تشتري أقل بكثير من العقارات أو السيارات مثل شاحنة فورد F-150، وبالتالي، لم يحتفظ الذهب بقوته الشرائية على كل المستويات.”
وأضاف أن هذا يعني أن الذهب ليس مبالغًا في قيمته بعد، خاصةً عند مقارنته ببعض الأصول الحقيقية مثل العقارات في نيويورك، حيث انخفضت قدرته على الشراء بشكل ملحوظ على المدى الطويل.
“الاتجاه الصاعد ما زال صديق المستثمرين”
وحول الزخم الحالي في السوق، قال هامبرو إن حركة الصعود الحادة للذهب قد تتخللها فترات من التذبذب والمضاربات القصيرة، لكنه يرى أن الاتجاه العام يبقى داعمًا للأسعار.
وأضاف:”ربما هناك مضاربون يركبون الموجة الآن، لكن في هذه البيئة يبقى الاتجاه هو صديقك.”
ورأى أن الأسعار قد ترتفع بشكل أكبر إذا ما استمرت الأسواق في إعادة تسعير العملات الورقية مقابل الأصول الحقيقية، مشيرًا إلى أن “تراجع الثقة في العملات” قد يطيل أمد ما سماه بـ «تجارة النفور من النقد»
هامبرو: شركات الذهب «رخيصة للغاية» رغم تضاعف أسعار أسهمها
وفيما يتعلق بأسهم شركات التعدين، قال هامبرو إن القطاع يعيش واحدة من أفضل فتراته التاريخية من حيث الربحية، مشيرًا إلى أن الأسهم لا تزال منخفضة التقييم رغم ارتفاعها بأكثر من 100% منذ بداية العام.
“عند هذه الأسعار، تحقق الشركات هوامش أرباح مذهلة، ورغم تضاعف قيمتها السوقية، إلا أنها لم تكن أرخص مما هي عليه اليوم.”
وأوضح أن النماذج المالية التي يعتمدها المحللون لتقييم شركات الذهب لا تزال تعتمد على متوسط أسعار بين 2200 و2400 دولار للأوقية، أي بخصم يصل إلى 50% من الأسعار الفعلية الحالية، مضيفًا أن بعض بيوت الخبرة بدأت رفع تقديراتها طويلة الأجل إلى نطاق 2800 – 3000 دولار، لكنها لا تزال أقل بكثير من الأسعار الفورية.
“ما هو مسعّر حاليًا في أسهم التعدين هو تراجع حاد للأسعار خلال العامين المقبلين، وإذا لم يحدث ذلك، فستواصل هذه الشركات تحقيق أرباح تفوق التوقعات بشكل كبير.”
دورة جديدة أم تحول هيكلي؟
وردًا على سؤال حول احتمال أن يكون الارتفاع الحالي مجرد ذروة مؤقتة كسابقاتها، قال هامبرو إن ما يجري اليوم يبدو أكبر من دورة تقليدية في سوق الذهب، و”نحن أمام اتجاه عميق بدأ منذ خمسينيات القرن الماضي، يتمثل في الإفراط بطباعة العملات الورقية وتراكم الالتزامات الاجتماعية، هذه التراكمات تصل في النهاية إلى نقطة تحوّل تغير قواعد اللعبة.”
الفضة تختلف عن الذهب
وحول نقص المعروض من الفضة في سوق لندن، أوضح هامبرو أن الفضة تختلف تمامًا عن الذهب من حيث طبيعتها:”الفضة سلعة صناعية تُستخدم في الألواح الشمسية وغيرها، بينما الذهب أصل نقدي، ما يحدث في السوق الفعلية للفضة هو مجرد نقص مؤقت في السيولة لتغطية التزامات معينة، وليس مؤشرًا على أن الأسعار مرتفعة أو منخفضة أكثر من اللازم.”
استمرار المكاسب
وسجّل سعر الذهب الفوري يوم الثلاثاء 4142 دولارًا للأوقية، بعد أن لامس في وقت سابق أعلى مستوى في تاريخه عند 4180 دولارًا.
ويختم هامبرو بالتأكيد على أن الذهب ما زال في رحلة إعادة تسعير عالمية كبرى، وأن الاتجاه طويل الأجل يدعم فكرة أن “القيمة الحقيقية للأصول الملموسة ما زالت تُعاد كتابتها أمام العملات الورقية.”