شهدت أسعار الفضة في الأسواق المحلية خلال شهر أكتوبر ارتفاعًا بنحو 3%، بعد أسابيع من المكاسب القوية التي دفعت المعدن الأبيض إلى أعلى مستوياته في تاريخه الحديث، مدعومة بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة في ظل الضبابية الاقتصادية العالمية، وفق تقرير صادر عن مركز “الملاذ الآمن”.
وأشار التقرير إلى أن جرام الفضة افتتح تعاملات الشهر عند 66 جنيهًا، ولامس 85 جنيهًا كأعلى مستوى، قبل أن يُغلق عند 68 جنيهًا، وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت الأوقية إلى مستوى قياسي بلغ 55 دولارًا في 16 أكتوبر، لكنها فقدت مكاسبها لاحقًا لتُنهي الشهر عند 48 دولارًا، بانخفاض تجاوز 13% عن ذروتها.
وأوضح التقرير أن أسعار الفضة المحلية استقرت خلال تعاملات اليوم السبت، بالتزامن مع عطلة البورصة العالمية، بعد أن تراجعت الأوقية بنسبة 2% بفعل قوة الدولار وتراجع الطلب على أصول الملاذ الآمن. وسجّل جرام الفضة عيار 800 نحو 68 جنيهًا، وعيار 925 حوالي 78 جنيهًا، وعيار 999 نحو 84 جنيهًا، فيما استقر جنيه الفضة عند 624 جنيهًا.
السياسة النقدية والتطورات الجيوسياسية
أثّرت النبرة الحذرة التي تبناها جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، خلال مؤتمره الصحفي الأخير، على توقعات خفض أسعار الفائدة، إذ صرّح بأن أي خفض إضافي في ديسمبر “ليس أمرًا محسومًا”، مؤكدًا ارتباط القرارات بالبيانات الاقتصادية.
ووفق أداة CME FedWatch، انخفضت احتمالات خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 67% بعد أن تجاوزت 90% الأسبوع الماضي.
وفي الأثناء، حافظت عوائد سندات الخزانة الأمريكية على استقرارها عند 4.10% لعشر سنوات، مع بقاء الدولار قويًا قرب أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر، مما قلل من جاذبية الفضة.
على الصعيد الجيوسياسي، اختتم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ اجتماعهما في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC) باتفاق هدنة تجارية تمتد حتى نوفمبر 2026، تتضمن خفض الرسوم الجمركية الأمريكية على منتجات الفنتانيل إلى النصف، ورفع الصين رسومها على المنتجات الزراعية الأمريكية، وتأجيل فرض قيود على تصدير المعادن النادرة، وقد خفّف هذا الاتفاق من حدة التوترات، مما قلل من الإقبال على الفضة كملاذ آمن.
تحولات هيكلية في أسواق المعادن الثمينة
يرى التقرير أن تصحيح الأسعار الأخير في الذهب والفضة كان في معظمه مضاربيًا ومؤقتًا، إذ لم تتأثر حيازات صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، ما يعكس قوة الطلب المادي الحقيقي. كما أشار إلى أن الطلب المؤسسي والبنكي المركزي على المعدنين ظل قويًا، بالتزامن مع انتقال مراكز تحديد الأسعار تدريجيًا من بورصتي كومكس ولندن إلى الأسواق الآسيوية المدعومة ماديًا، خاصة بورصة شنجهاي للذهب، التي تتيح تحويل اليوان إلى ذهب بنسبة 1:1.
وأشار التقرير إلى أن هذا التحول الهيكلي يُضعف هيمنة الدولار على تسعير المعادن الثمينة، ويعزز من دور الذهب والفضة في إعادة تشكيل النظام النقدي العالمي. كما تواجه وزارة الخزانة الأمريكية والاحتياطي الفيدرالي قيودًا في التعامل مع هذا التحول في ظل محدودية احتياطيات الذهب والتزامات المشتقات المالية.
تُظهر المؤشرات أن الذهب والفضة لا يزالان في موقع قوي لاستعادة الزخم الصاعد مع نهاية العام، مدفوعين بالطلب الحقيقي من البنوك المركزية والمستثمرين المؤسسيين، إلى جانب استمرار التوجه العالمي نحو فك الارتباط بالدولار في التجارة الدولية.
ويخلص التقرير إلى أن الأسواق المادية للذهب والفضة أثبتت مرونتها في مواجهة التقلبات، وأن المستثمرين الذين يفضلون الأصول الملموسة يملكون فرصة استراتيجية لتعزيز محافظهم في ظل التحولات العميقة التي تشهدها البنية النقدية العالمية.














































































