واصل الذهب تماسكه في تعاملات الأربعاء، مدعومًا بمزيج من المخاوف المالية والضبابية السياسية التي تهيمن على المشهد الاقتصادي الأمريكي، خاصة بعد تمرير مجلس الشيوخ مشروع إنفاق ضخم قد يرفع الدين العام بأكثر من 3.3 تريليون دولار، في خطوة أثارت قلق المستثمرين وأسهمت في دفعهم نحو الملاذات الآمنة.
10 جنيهات صعود في السوق المحلية.. والأوقية تعزز مكاسبها عالميًا
قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة “آي صاغة” لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت اليوم بقيمة 10 جنيهات، ليصل جرام الذهب عيار 21 إلى 4650 جنيهًا، بينما سجلت الأوقية عالميًا نحو 3345 دولارًا، بارتفاع قدره 7 دولارات.
وأضاف أن عيار 24 سجل 5314 جنيهًا، وعيار 18 بلغ 3989 جنيهًا، بينما سجل الجنيه الذهب 37200 جنيه.
وكان الذهب قد افتتح تعاملات الثلاثاء عند 4620 جنيهًا للجرام عيار 21، واختتمها عند 4640 جنيهًا، في حين قفزت الأوقية بنحو 30 دولارًا لتغلق عند 3338 دولارًا، ما يعكس حالة الزخم التي يشهدها السوق رغم الضغوط الاقتصادية المتقلبة.
مخاوف الدين الأمريكي وتذبذب سوق العمل يقودان الذهب
جاء دعم الذهب هذا الأسبوع مدفوعًا بتصعيد مالي من جانب الإدارة الأمريكية، حيث أثار مشروع قانون الإنفاق الذي تبنّاه الرئيس دونالد ترامب مخاوف بشأن تفاقم العجز، رغم ارتفاع عوائد السندات الأمريكية، وعلى الرغم من أن ارتفاع العوائد عادة ما يضغط على أسعار الذهب، فإن القلق من مستقبل الدين الأمريكي دفع المستثمرين لتعزيز مراكزهم في المعدن الأصفر.
في مذكرة تحليلية، توقعت مؤسسة مالية كبرى أن يتراوح سعر الذهب حتى نهاية العام بين 3100 و3600 دولار للأوقية، مع تقديرات بأن يغلق 2025 عند 3175 دولارًا قبل أن يتراجع إلى 3025 دولارًا في 2026، وهو ما يعكس عدم اليقين الذي يخيم على الأسواق.
ترقّب حاسم لبيانات الوظائف الأمريكية
وفي ظل ترقب الأسواق لبيانات سوق العمل الأمريكي، يُنظر إلى تقرير وظائف القطاع الخاص ADP المنتظر صدوره مساء اليوم على أنه قد يكون مؤشرًا حاسمًا لتوجهات الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، وجاءت بيانات الوظائف الشاغرة في مايو (JOLTS) لتربك التوقعات، إذ ارتفعت إلى 7.77 مليون وظيفة مقابل 7.39 مليون في أبريل، ما أضعف آمال خفض الفائدة قريبًا.
لكن في المقابل، أشارت أرقام التوظيف إلى تباطؤ محتمل، ما يُبقي الباب مفتوحًا أمام خفض الفائدة حال أظهرت البيانات الرسمية المقررة غدًا تراجعًا حادًا في التوظيف.
من جانبه، حذّر كريستوفر والر، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، من التباطؤ المفرط في الاستجابة للمتغيرات، مشيرًا إلى أن الفيدرالي “لا ينبغي أن ينتظر انهيارًا في سوق العمل ليتحرّك”.
9 يوليو.. مهلة جمركية جديدة تُشعل الأسواق
وفي مشهد آخر لا يقل أهمية، تترقب الأسواق الموعد النهائي الذي حدده ترامب في 9 يوليو لتنفيذ حزمة تعريفات جمركية جديدة، حيث أشار بوضوح إلى عدم وجود نية لتمديد المهلة، ملوّحًا بإجراءات فورية، هذه التهديدات عززت حالة القلق في الأسواق، وزادت من الطلب على الذهب كتحوّط من تبعات التضخم المحتمل.
وفي هذا السياق، تُشير التقديرات إلى أن أي تصعيد في الرسوم الجمركية قد يُبقي على التضخم مرتفعًا، ما يقيّد قدرة الفيدرالي على خفض الفائدة، لكنه في الوقت ذاته يُبقي على العوائد الحقيقية عند مستويات منخفضة، وهو ما يُعد بيئة داعمة نسبيًا للذهب.
البنوك المركزية تواصل التوجه نحو الذهب
وفي خلفية هذا المشهد المالي المضطرب، لا تزال البنوك المركزية حول العالم تواصل تعزيز احتياطياتها من الذهب، وبحسب مجلس الذهب العالمي، بلغ صافي مشتريات البنوك المركزية في مايو 20 طنًا، بقيادة كازاخستان وتركيا وبولندا، بينما قلصت سنغافورة وأوزبكستان من حيازاتهما.
ووفقًا لاستطلاع مجلس الذهب العالمي لعام 2025، فإن 95% من البنوك المركزية تتوقع زيادة احتياطيات الذهب العالمية خلال العام المقبل، فيما تخطط 43% منها لزيادة احتياطياتها الخاصة، في رقم هو الأعلى تاريخيًا، ما يعكس التحول الاستراتيجي في النظرة إلى المعدن كأصل احتياطي موثوق.
تحليل ساكسو بنك: الذهب والفضة لا يزالان صامدين
وفي تقرير حديث، أكد محللو ساكسو بنك أن المعادن الثمينة لا تزال تحتفظ بمكانتها في المحافظ الاستثمارية، ليس فقط كملاذات آمنة، بل أيضًا كأصول تتفاعل بطريقة مختلفة أثناء الأزمات.
وأشاروا إلى أن الذهب لا يُستهلك مثل غيره من السلع، ولا يفقد قيمته، بل يُخزن ويُحتفظ به، وهو ما يُرسّخ دوره النقدي الفريد.
أما الفضة، فهي تجمع بين وظيفتها الاستثمارية وطابعها الصناعي، ما يجعلها أكثر تقلبًا، لكنها أكثر حساسية لدورات النمو. بينما يُنظر إلى البلاتين كمعدن يرتبط مستقبله بالصناعات التكنولوجية والطاقة النظيفة.
الذهب يثبت مرة أخرى أنه ليس مجرد معدن ثمين، بل هو مرآة لحالة القلق المالي، وميزان حساس لتوقعات الأسواق بشأن السياسات النقدية، وسط ترقّب كثيف لأهم تقريرين في الأسبوع: وظائف ADP، وتقرير الوظائف غير الزراعية المنتظر غدًا.