رغم حالة الركود الصيفي التي كبحت زخم الذهب مؤقتًا، لا يزال المعدن النفيس في موقع قوي يعزز احتمالية إعادة اختبار مستوياته القياسية التي سجلها في أبريل، بل وربما تجاوزه لحاجز الـ 4000 دولار للأوقية بحلول نهاية العام، وفقًا لما أكده “آكاش دوشي”، رئيس استراتيجية الذهب في ستيت ستريت “State Street Investment Management”.
وفي تصريحات صحفية، أوضح دوشي أن التراجعات الحالية في أسعار الذهب تُعد فرصًا مغرية للشراء، مؤكدًا أن المعدن الأصفر يلقى دعمًا قويًا فوق مستوى 3300 دولار، رغم ارتفاعات أسواق الأسهم إلى مستويات غير مسبوقة، وتراجع التقلبات، وارتفاع عوائد السندات، وزيادة الإقبال على الدولار الأمريكي.
وأشار إلى أن مستوى 3000 دولار للأوقية بات يشكل قاعدة دعم جديدة للذهب، واصفًا حالة التفاؤل في الأسواق المالية بأنها “تفاؤل سطحي”، وقال:”المستثمرون في الذهب بانتظار المحفز التالي، لكن هناك عوامل هيكلية داعمة لعمليات الشراء عند التراجعات”.
ولفت دوشي إلى أن من الأفضل قلب زاوية التحليل، قائلًا:”بدلاً من التساؤل لماذا لم يصل الذهب إلى 4000 دولار حتى الآن، رغم ارتفاعه بنسبة 26%، ينبغي أن نتساءل: لماذا لم يهبط دون 3000 دولار، رغم ارتفاع الأسهم إلى مستويات قياسية، وتراجع التقلبات لأدنى مستوياتها هذا العام؟”
وتوقع دوشي أن يواصل الذهب مرحلة التماسك خلال الأسابيع المقبلة، قبل أن يجذب مزيدًا من الاهتمام الإيجابي عقب مؤتمر “جاكسون هول” السنوي الذي يعقده الاحتياطي الفيدرالي. وقال إن رئيس الفيدرالي جيروم باول قد يستغل هذا الحدث للإشارة إلى بدء دورة خفض الفائدة اعتبارًا من سبتمبر، مع استمراريتها حتى نهاية العام.
وأكد دوشي أن السوق في وضع قوي للاستفادة من تراجع أسعار الفائدة وارتفاع الضغوط التضخمية، فعلى الرغم من تراجع التوترات الجيوسياسية مؤخرًا، فإن الأنظار تتجه الآن نحو تصاعد الدين الحكومي ومخاوف التضخم.
وبداية هذا الشهر، أقرّت الحكومة الأمريكية أكبر تشريع تمويلي في تاريخها الحديث، في وقت توقعت فيه مكتب الميزانية بالكونغرس أن تؤدي التخفيضات الضريبية المصاحبة له إلى زيادة العجز بنحو 4 تريليونات دولار.
كما أن الصفقات التجارية المبرمة مع اليابان والاتحاد الأوروبي، والتي رفعت الرسوم الجمركية على الواردات بنسبة 15%، ستزيد من الضغوط التضخمية.
ورأى دوشي أن هذا المسار سيُضعف النمو الاقتصادي، مما سيدفع الفيدرالي إلى تخفيف سياسته النقدية في نهاية المطاف.
وأضاف:”هذا التوجه واضح بالفعل في توقعات الفيدرالي. ففي بيان التوقعات الاقتصادية لشهر يونيو، خفّض الاحتياطي الفيدرالي توقعاته للنمو مقارنة بتوقعات مارس، ورفع في المقابل تقديراته لمعدلات التضخم والبطالة. فقط استمع لما يقوله الفيدرالي بنفسه”.
وفي ظل بيئة توصف بـ “الركود التضخمي” (stagflation)، تتوقع State Street أن يواصل الذهب أداءه القوي كأداة تنويع وتحوط موثوقة.
واختتم دوشي قائلًا:”في ظل التقييمات المرتفعة في معظم الأسواق، وغموض الرؤية على المدى الطويل لعوائد السندات، سيتجه المستثمرون إلى الملاذات الآمنة وأدوات التحوط مثل الذهب، لمواجهة هذه المخاطر الكامنة”.