في الوقت الذي تظهر فيه بيانات الاقتصاد الأمريكي علامات متباينة، حافظ الذهب على تماسكه عند مستويات دعم حرجة، مدعومًا بمخاوف الأسواق من تباطؤ قطاع الإسكان، بالرغم من تجاهل المعدن الأصفر نسبيًا لتراجع بيانات المنازل المعلقة.
وكشفت الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين (NAR) عن انخفاض مؤشر مبيعات المنازل المعلقة بنسبة 0.8% خلال يونيو، مخالفًا لتوقعات الأسواق التي رجّحت ارتفاعًا طفيفًا، كما أظهرت البيانات تراجعًا سنويًا بنسبة 2.8%، ما يؤكد أن السوق العقارية لا تزال تعاني من تداعيات ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف الرهن العقاري.
هل يبعث الركود العقاري برسائل تحذيرية؟
هذا التراجع في نشاط التعاقدات العقارية، رغم زيادة المعروض، يشير إلى وجود حالة من الجمود السعري وعدم قدرة المشترين على دخول السوق، فرغم ارتفاع الطلب الكامن، لا تزال تكاليف التمويل تقف حائلًا أمام تنشيط الطلب الفعلي، وهو ما دفع كبار الاقتصاديين، مثل لورانس يون، إلى الإشارة إلى أن السوق ربما تكون قد بلغت القاع، لكن التعافي لا يزال هشًا.
ويُعد هذا التباطؤ العقاري مؤشرًا مهمًا على أن التشديد النقدي للاحتياطي الفيدرالي بدأ يُحدث أثرًا واسعًا في مفاصل الاقتصاد الأمريكي الحقيقي، ما قد ينعكس لاحقًا على سياسة الفائدة خلال النصف الثاني من العام.
الذهب: صامد في وجه الإيجابية الاقتصادية
رغم هذه البيانات السلبية، لم يُظهر الذهب رد فعل كبيرًا، حيث ما زالت الأسواق تحت تأثير قراءات قوية من سوق العمل والنمو الاقتصادي في الربع الثاني، وتراجع سعر الذهب بنسبة 0.58% ليُتداول عند 3305.60 دولارًا للأوقية، لكنه لا يزال متمسكًا بمستوى 3300 دولار، الذي يمثل دعمًا نفسيًا وفنيًا رئيسيًا للمستثمرين.
المحللون يرون أن الذهب يقف حاليًا في منطقة ترقّب، حيث يتوازن بين الضغوط النزولية الناتجة عن تحسن مؤشرات الاقتصاد الأمريكي، والمخاوف من ركود محتمل في قطاعات رئيسية مثل الإسكان.
قراءة استراتيجية: هل حان وقت التحوط؟
يستعد المستثمرون للمرحلة المقبلة التي سيتوقف فيها مجلس الاحتياطي الفيدرالي مؤقتًا عن رفع الفائدة أو حتى يبدأ خفضها تدريجيًا، وهو ما قد يُعيد الزخم إلى سوق الذهب، كما أن استمرار الضغوط في سوق العقارات قد يفرض واقعًا جديدًا، يعزز من الطلب على الذهب كأداة تحوط ضد تقلبات الأسواق والأزمات الهيكلية في الاقتصاد الأمريكي.
بين سوق إسكان يعاني، واقتصاد كلي يُظهر صمودًا، تظل أسواق الذهب في وضع المراقبة الحذرة، والمفتاح خلال الأسابيع القادمة سيكون لغة الاحتياطي الفيدرالي وتفاعله مع الإشارات المتباينة من السوق العقارية وسوق العمل، وهي التغيرات التي ستكون حاسمة في تحديد اتجاه الذهب على المدى القصير.