قالت تقارير دولية إن الطلب الاستثماري أصبح المحرك الرئيسي لصعود الذهب خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن كان الطلب من البنوك المركزية هو العامل الأبرز في موجة الارتفاع منذ أواخر عام 2022.
وجاء ذلك في ظل تسجيل أحجام تداول قياسية في بورصة السلع الأمريكية CME Group، وارتفاع تدفقات الاستثمار إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2020.
أحجام تداول قياسية في بورصة «CME»
أعلنت مجموعة CME Group يوم الاثنين أن إجمالي حجم التداول عبر عقود المعادن الثمينة بلغ 2.83 مليون عقد يوم الجمعة الماضي — وهو رقم قياسي جديد يتجاوز الرقم المسجل قبل أسبوعين والبالغ 2.14 مليون عقد.
وجاءت هذه القفزة بالتزامن مع بلوغ أسعار الذهب مستويات قياسية قرب 4,400 دولار للأونصة، قبل أن تتراجع بنحو 2% في ختام الجلسة نفسها.
وأوضحت البيانات أن العقود الصغيرة الموجهة للمستثمرين الأفراد سجلت مستويات قياسية من التداول، حيث بلغت أحجام عقود Micro Gold Futures — وهي تعادل عُشر حجم العقد القياسي (10 أونصات مقابل 100) — نحو 1.27 مليون عقد في يوم واحد، فيما بلغت عقود E-mini Gold Futures (نصف حجم العقد العادي) 12,818 عقدًا.
أما العقود الجديدة التي تمثل أونصة واحدة فقط من الذهب، فقد حققت بدورها رقمًا قياسيًا عند 199,928 عقدًا مع ارتفاع مراكزها المفتوحة إلى 20,326 عقدًا.
وقال جين هينيغ (Jin Hennig)، المدير العام ورئيس قطاع المعادن العالمي في مجموعة CME:“الطلب على الأصول الآمنة يتزايد بقوة بينما يسعى المتعاملون للتعامل مع حالة عدم اليقين الاقتصادي المستمرة. المستثمرون من المؤسسات الكبرى وحتى الأفراد يتجهون إلى عقود الذهب للتحوط وإدارة المخاطر في هذا المناخ المعقد.”
صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب تشهد أكبر تدفقات منذ 2020
وفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي (WGC)، تدفقت نحو 59.2 طنًا من الذهب إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالمعدن (Gold ETFs) خلال أسبوع واحد — وهي أكبر زيادة أسبوعية منذ مارس 2020، أي منذ ذروة جائحة كورونا.
وفي مقابلة صحفية قال آكاش دوشي (Aakash Doshi)، رئيس إستراتيجية الذهب في State Street Investment Management (مدير صندوق SPDR Gold Shares – أكبر صندوق ذهب في العالم)، إن الذهب لا يزال “أصلًا ناقص التملك” رغم هذا الزخم.
وأوضح:“حتى يناير الماضي، كان صندوق GLD يسجل تدفقات خارجة، ما يعني أن حصة الذهب في المحافظ الاستثمارية لا تزال منخفضة، رغم ارتفاع الأسعار القياسي.”
الذهب لا يزال أقل تمثيلًا في المحافظ العالمية
من جانبه، أشار روبرت مينتر (Robert Minter)، مدير إستراتيجية صناديق الاستثمار في شركة abrdn، إلى أن البيانات الأخيرة تُظهر أن الذهب يمثل فقط 2.4% من إجمالي مكونات المحافظ الاستثمارية العالمية، وهو ما يعني أن الارتفاع الأخير لا يرتبط بالمضاربة المفرطة.
وقال مينتر في مذكرة، “إذا كانت الصناديق الاستثمارية لا تخصص سوى 2.4% من محافظها للذهب، وفي المقابل تبلغ نسبة الذهب في احتياطيات الصين من النقد الأجنبي 6.7%، مقارنة بـ77% لدى الولايات المتحدة، فإن أساسيات السوق ما زالت قوية ومستقرة رغم حمى الأسعار الحالية.”
تكشف هذه البيانات أن المرحلة الجديدة من صعود الذهب يقودها المستثمرون الأفراد والمؤسسات الاستثمارية، وليس فقط البنوك المركزية، ما يُشير إلى انتقال السوق من مرحلة التحوط الرسمي إلى مرحلة الإقبال الشعبي والمؤسسي الواسع.
ويرى محللون أن هذه الموجة من الطلب الاستثماري قد تُطيل عمر الاتجاه الصاعد للمعدن الأصفر، خصوصًا إذا استمرت حالة عدم اليقين المالي العالمي وضعف الثقة في العملات الورقية.