أعلنت حكومة جمهورية الصين الشعبية، ممثلة في وزارة المالية الصينية ومصلحة الضرائب الصينية، أنّها أغلت اعتبارًا من 1 نوفمبر 2025 – وفق ما أُعلن في وسائل الإعلام الاقتصادية – الإعفاء الذي كان يُمنح لتجار التجزئة من إمكانية خصم ضريبة القيمة المضافة (VAT) عند بيع الذهب المستثمر أو المُشتَرا من بورصة بورصة شنجهاي للذهب (SGE).

القرار يُعدّ تغييرًا هيكليًّا في معاملة الذهب في أكبر سوق استهلاكي للسبائك والمجوهرات على مستوى العالم، ويُثير على مستوى قطاع المعادن النفيسة سلسلة من الأسئلة حول انعكاساته المحليّة والدولية.
الضغوط المالية والاقتصادية
تواجه الصين تباطؤًا نسبيًا في النمو الاقتصادي، وتراجعًا في قطاع العقارات، وضغوطًا على الإيرادات المحلية، في هذا السياق، عمدت وزارة المالية إلى توسيع قاعدة الإيرادات الضريبية عبر مراجعة الامتيازات الضريبية القائمة، والذهب كان أحد القطاعات التي استُهدفت، القرار يُشكّل عنصرًا من عناصر ضريبة “جيو-اقتصادية” ضمن سياق إصلاحات أوسع.
ضبط الطلب الاستثماري والمضاربة
كانت سوق السبائك الصينية تشهد موجة شراء “قوية” للذهب — غالبًا كأداة ادّخار وتحوّط من انخفاض اليوان أو ارتفاع التضخم المتوقع، هذا الطلب دفع أسعار الذهب في الصين والعالم إلى مستويات قياسية، تشديد المعاملة الضريبية يُعدّ وسيلة لاحتواء بعض المضاربات الفردية وتقليل الضغوط على السوق المحلي.
ترشيد هيكلة السوق الداخلية
القرار يُقرّ بفصل أكثر وضوحًا بين “الذهب الاستثماري” والذهب المستخدم في المجوهرات أو الصناعة، إذ تسعى السلطات إلى توجيه الطلب المحلي نحو الاستخدامات الصناعية والاستهلاكية، مع تقليل الدعم المباشر إلى المجمعات الاستثمارية التي يُنظر إليها كمصدر لتفاقم القفزات السعرية، هذا يعكس رغبة في جعل “سوق الذهب” أكثر استقرارًا وأقل تقلبًا.
مضمون القرار
-
قبل القرار، كان الأصل أن «الذهب القياسي» (Standard Gold) المُصارَف في بورصة شنجهاي وتحمل مواصفات نقاوة عالية يُعفى من ضريبة القيمة المضافة VAT عند إعادة بيعه بواسطة تجّار التجزئة الذين حصلوا على الفاتورة الضريبية (Invoice) من بورصة SGE.
-
بعد القرار، لن يُسمح للتجزئة بعدم احتساب ضريبة القيمة المضافة VAT عند بيع الذهب المستثمر أو عند تسليمه إلى المستهلك النهائي من مخازن البورصة؛ بالتالي، سيتحمل المستهلك النهائي الضريبة المضافة على سعر الذهب بوضوح.
-
القرار ينطبق عند “التسليم المادي” من مخازن البورصة إلى المستهلك النهائي أو عند المعادلة في شكل سبائك أو عملات أو منتجات استثمارية، بينما التداول الداخلي داخل البورصة أو بين الأعضاء قد يظل معفى أو تخضع لمعامِلات أقل وضوحًا.
-
لم يُشر القرار حتى الآن إلى تغيير مباشر في إعفاءات الذهب المستخدم صناعيًا أو في المجوهرات – لكنّ التوجيه النصّي للوزارة يُشير إلى “تنظيم استثمار الذهب” والتمييز بين الاستخدامات.
التأثيرات المتوقّعة على السوق الصيني والمستهلكين
تأثير مباشر
-
ارتفاع التكلفة الفعلية: المستهلك الصيني الذي يشتري سبائك أو عملات ذهبية استثمارية سيُواجه الآن سعرًا أعلى من السابق، بسبب ضريبة إضافية كان يُعفى منها.
-
تبكير الشراء: بعض المتاجر في الصين أعلنت رفع الأسعار أو إيقاف بيع منتجات الاستثمار في الذهب مؤقتًا قبل تطبيق القرار، كإجراء احترازي لتجنُّب الخسائر الضريبية المفاجئة.
-
تباطؤ الطلب الفردي قصير الأجل: قد ينخفض الشراء الفردي للاستثمارات الصغيرة في الذهب، أحد محركات الارتفاع السريع في الأسعار محليًا.
تأثيرات غير مباشرة
-
انتقال محتمل للطلب إلى السوق غير الرسمي: بعض المستثمرين قد يلجؤون إلى قنوات غير رسمية أو عبر المناطق الحدودية مثل هونج كونج أو سنغافورة لتفادي الضريبة الجديدة، مما يشكل مخاطرة تنظيمية.
-
تعديل في علاوات السعر المحلي مقارنة بالأسعار العالمية: مع ارتفاع تكلفة النقل والبيع المحلي، فإن الــpremium (علاوة السعر المحلي على السعر العالمي) قد يتراجع مؤقتًا، مما قد يخفف بعض ضغوط الارتفاعات على السعر العالمي.
-
إشارة إلى المستثمرين العالميين والمؤسسات: القرار يُعد رسالة بأن الصين تريد ضبط لعبة السبائك الاستثمارية، وهو ما يمكن أن يؤثر على التوقعات العالمية لسلوكها كمستهلك كبير.
التأثير العالمي على أسواق الذهب والسبائك
-
باعتبار الصين أكثر مستهلك للذهب في العالم، فإن أي تغيير في سياسة الضرائب لديها يُعد من العوامل الأساسية التي يجب أن تُأخذ في الحسبان عند تحليل سوق الذهب العالمي.
-
على المدى القصير، قد يؤدي تباطؤ الطلب الصيني الفردي إلى “تهدئة” مؤقتة للصعود الحاد في الأسعار، لكن هذا لا يعني تراجعًا طويل الأجل، خاصة إذا بقي الطلب المؤسساتي (بنوك مركزية، جهات سيادية) نشطًا.
-
بالنسبة للمحللين، القرار يعزّز فكرة أن المقبل من ارتفاع الأسعار ليس مضمونًا بنفس السرعة التي حصلت بها في السنوات السابقة، وأن السوق ربما يدخل مرحلة “الاستقرار المرتفع” بدلاً من الاندفاع الحاد.
قرار الصين بإلغاء الإعفاء الضريبي على الذهب المستثمر يُعدّ بمثابة نقطة تحوّل بارزة في سوق السبائك العالمية، إنه يُعبّر عن رغبة الدولة في تنظيم الطلب المحلي، تعزيز الإيرادات، والتمييز بين الاستخدامات الاستثمارية والاستهلاكية للذهب، بينما قد يؤدي إلى تقليص زخم الشراء الفردي قصير المدى في الصين.












































































