لا يزال الذهب يتداول في نطاق تداول استمر لأشهر، لكن تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خلال ندوة جاكسون هول السنوية أعادت الثقة للمستثمرين وعززت التوقعات بخفض وشيك للفائدة في سبتمبر، ما أنعش شهية السوق ودفع الأسعار إلى أعلى مستوياتها الأسبوعية، وفي المقابل، واصلت الفضة أداءً استثنائيًا لتغلق عند قمة لم تصل إليها منذ أكثر من 2011.
تصريحات باول: توازن المخاطر
أقرّ باول بتنامي مخاطر التضخم مقابل تباطؤ النمو، مؤكدًا أن السياسة النقدية ما زالت “مقيدة”، ما قد يستدعي تعديلها.
وقال: “مع بقاء السياسة في منطقة تقييدية، فإن توازن المخاطر قد يتطلب تعديل موقفنا”، في إشارة واضحة لاحتمال خفض الفائدة الشهر المقبل.
هذا الموقف، الذي قرأه المحللون بصفته ميلاً نحو التيسير، دعم أسعار الذهب الفورية التي أنهت تعاملات الجمعة عند 3371 دولارًا للأوقية، مرتفعة 1% عن الأسبوع الماضي.
الأسواق بين التفاؤل والحذر
وفق أداة CME FedWatch، تتوقع الأسواق خفضًا في سبتمبر وربما تخفيضين إضافيين قبل نهاية العام، لكن محللين يشككون في قدرة الفيدرالي على المضي في دورة خفض ممتدة، خاصة إذا بقيت ضغوط الأسعار قوية.
-
كريس زكاريلي (Northlight Asset Management) قال إن خفض سبتمبر شبه محسوم، لكن ليس بالضرورة بداية سلسلة تيسير.
-
جيفري روتش (LPL Financial) يرى أن التغيّرات الهيكلية في الاقتصاد تحد من قدرة الفيدرالي على خفض إضافي بعد سبتمبر.
-
فيليب ستريبيل (Blue Line Futures) يتوقع “إعادة معايرة” في سوق الذهب عقب خطاب باول، لكنه يترقب مؤشر الإنفاق الاستهلاكي (PCE) الجمعة باعتباره حاسمًا لمسار السياسة النقدية.
-
أولي هانسن (Saxo Bank) اعتبر أن البيئة الحالية مع ضعف الدولار وتراجع العوائد تدعم الذهب، لكنه شدّد على أن تجاوز مستوى 3450 دولارًا للأوقية شرط للعودة إلى القمم فوق 3,500 دولار.
-
أليكس كوبتسيكيفيتش (FxPro) لفت إلى أن الذهب يتحرك داخل نطاق 12% منذ أبريل، مرجحًا أن ينتهي هذا التماسك في الأسابيع المقبلة باختراق قوي، قد يأخذ المعدن إلى 3000 – 2200 دولار هبوطًا، أو حتى 4600 دولار في سيناريو صعودي متفائل.
الفضة: نجم الأسبوع
رغم الدعم الذي يحظى به الذهب، تبقى الفضة أكثر لفتًا للأنظار، إذ ارتفعت لتسجل أعلى مستوياتها منذ سبتمبر 2011، مقتربة من 40 دولارًا للأوقية.
ستريبيل أوضح أن “الفضة تبدو ورقة رابحة للمستثمرين، خصوصًا مع استعداد الفيدرالي للخفض حتى مع بقاء التضخم مرتفعًا”، فيما وصفها محللون آخرون بأنها “قيمة استثمارية بديلة” مقارنة بالذهب.
تحديات قادمة
يظل السؤال الأبرز في السوق: هل سيكون خفض سبتمبر خطوة وحيدة أم بداية لدورة تيسير جديدة؟
-
شانتال شيفن (Capitalight Research) ترى أن السوق سعّر بالفعل خفض سبتمبر، ولن يتحرك إلا إذا تغيّر خطاب الفيدرالي ليعطي أولوية أكبر لسوق العمل.
-
كومرتس بنك حذر من أن ارتفاع الأسعار قد يضغط على الطلب الفعلي للذهب.
بيانات اقتصادية على الرادار
المستثمرون يترقبون سلسلة من البيانات الأمريكية الحاسمة الأسبوع المقبل:
-
الاثنين: مبيعات المنازل الجديدة.
-
الثلاثاء: طلبيات السلع المعمرة، مؤشر ثقة المستهلك.
-
الخميس: القراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي (الربع الثاني)، طلبات إعانة البطالة، مبيعات المنازل المعلقة.
-
الجمعة: مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي (PCE)، إلى جانب بيانات الدخل والإنفاق.
في النهاية، فإن تصريحات باول أنعشت السوق وأعادت الذهب إلى مسار صاعد، لكن التماسك الفني والبيانات المنتظرة يفرضان الحذر، وفي الوقت الذي يتأرجح فيه الذهب داخل نطاق ضيق، تواصل الفضة التفوق لتصبح الرهان الأبرز في ظل بيئة نقدية تتجه إلى التيسير.