في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو أسعار الفضة التي تقترب من أعلى مستوياتها في 14 عامًا، يكشف جانب آخر من السوق عن أزمة أكثر تعقيدًا: تأجير الفضة أو ما يُعرف بالـ Silver Leasing.
ما هو تأجير الفضة؟
تأجير الفضة يعني ببساطة أن يقوم طرف يملك المعدن بإقراضه لطرف آخر مقابل عائد دوري، تمامًا مثل إقراض الأموال، يستخدم هذا النظام بكثرة من قِبل البنوك الاستثمارية وصناديق التحوط لتأمين صفقاتها أو دعم عمليات المضاربة.
لكن ما يحدث اليوم غير مسبوق: فقد تحولت معدلات الإيجار إلى المنطقة السالبة عند نحو 1.2-%، أي أن من يقترض الفضة بات مستعدًا لدفع تكلفة إضافية بدلًا من الحصول على عائد، بينما يحصل المقرض على نحو 5.5% في عقود الثلاثة أشهر.
لماذا يحدث ذلك الآن؟
السبب الرئيسي يعود إلى شح المعروض في السوق العالمي. فالمخزونات المتوفرة لدى رابطة سوق لندن للسبائك (LBMA) عند مستويات متدنية تاريخيًا، وهو ما رفع الطلب على المعدن الفعلي، خصوصًا في الولايات المتحدة، بعد أن أدرجت الحكومة الأميركية الفضة ضمن قائمة المعادن الحرجة.
منذ ذلك الحين، قفز الفارق بين سعر الفضة في بورصة COMEX الأمريكية والسوق الفوري في لندن من 25 سنتًا إلى أكثر من 1.1 دولار للأوقية، في إشارة إلى اندفاع المستثمرين نحو المعدن الأبيض.
تداعيات على السوق
- 
شح المعروض: محللون في TD Securities حذّروا من أن المخزونات قد تنفد خلال سبعة أشهر فقط، بل في غضون أربعة أشهر إذا ارتفع الطلب على صناديق المؤشرات المدعومة بالفضة.
 - 
المخاطر التجارية: الفضة لم تُستثنَ من قوائم الإعفاء الجمركي الأخيرة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما أثار مخاوف من فرض تعريفات جديدة على المعدن.
 - 
ارتفاع التكاليف: المستوردون والمضاربون على حد سواء يواجهون تكاليف أعلى نتيجة ارتفاع معدلات التأجير، ما يضيف طبقة جديدة من الضغوط على الأسعار.
 
رغم القفزة الأخيرة في معدلات الإيجار، يتوقع محللون أن تهدأ هذه المعدلات خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع صدور نتائج تحقيق وزارة التجارة الأمريكية حول المعادن الحرجة في منتصف أكتوبر، والذي قد يحسم مصير الفضة بين البقاء دون رسوم إضافية أو الخضوع لتعريفات جديدة.
قصة تأجير الفضة تسلط الضوء على التوترات الكامنة خلف بريق الأسعار القياسية. فالفضة ليست مجرد معدن صناعي أو أصل استثماري، بل باتت محورًا لمعادلات أعمق تشمل الطلب الصناعي، سياسات التجارة الأمريكية، ومحدودية المعروض العالمي، وفي خضم هذه المعادلة المعقدة، تبقى معدلات الإيجار مؤشرًا حساسًا على صحة السوق، وجرس إنذار مبكر على الأزمات المقبلة.
			
                                















































































