اختتم الذهب تعاملات الأسبوع قرب أعلى مستوياته على الإطلاق، محافظًا على موجة صعود متواصلة للأسبوع الخامس على التوالي، مع اقتراب الأسعار من مستوى 3800 دولار للأوقية، بدعم من الزخم القوي الذي تولّده توقعات تيسير السياسة النقدية الأمريكية واستمرار الطلب الرسمي والمؤسسي على المعدن النفيس.
وأنهى الذهب تعاملات الجمعة عند 3760 دولارًا للأوقية، مرتفعًا بنحو 2% مقارنة بإغلاق الأسبوع الماضي، في وقت يرى فيه المحللون أن هذه المكاسب مرشحة للاستمرار، رغم إشارات فنية تُظهر أن السوق في حالة تشبّع شرائي.
التضخم الأمريكي عند 2.9% يفتح الباب لمزيد من الخفض
أظهرت بيانات وزارة التجارة الأمريكية أن مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (PCE)، وهو المقياس المفضل للتضخم لدى الاحتياطي الفيدرالي، استقر عند 2.9% على أساس سنوي، ما يؤكد أن التضخم لا يزال أعلى من الهدف البالغ 2%، لكنه ليس مقلقًا بالدرجة التي تدفع البنك المركزي لتغيير مسار التيسير النقدي.
ويرى المحللون أن هذه القراءة تمنح الفيدرالي مساحة كافية لخفض الفائدة مجددًا هذا العام، حيث تُظهر أداة CME FedWatch أن الأسواق تُسعّر احتمالية بنسبة 87% لخفض الفائدة في أكتوبر، و65% لاحتمال خفض آخر في ديسمبر.
البنوك المركزية وصناديق الاستثمار تقودان الزخم
يؤكد كريس مانشيني، مدير محافظ بشركة Gabelli Funds، أن الذهب ما زال يمتلك القوة اللازمة لمواصلة الصعود مع بحث العالم عن بديل للدولار الأمريكي.
وفي السياق ذاته، أوضح آرون هيل، كبير المحللين في شركة FP Markets، أن الفيدرالي يمتلك مساحة لخفض الفائدة بما لا يقل عن 50 نقطة أساس بنهاية العام، مشيرًا إلى أن مشتريات البنوك المركزية – والمتوقع أن تتجاوز 900 طن في 2025 – إلى جانب تدفقات صناديق المؤشرات ETF، ستدفع الأسعار لكسر حاجز 3800 دولار وربما الاستقرار أعلاه قبل نهاية العام.
ويُقدّر بنك UBS وبنك ANZ أن يبلغ الذهب 3800 دولار بنهاية 2025، بدعم من التوترات الجيوسياسية والطلب المؤسسي القوي.
زخم قوي… لكن حذر فني
رغم التفاؤل السائد، حذر بعض المحللين من إمكانية دخول الذهب في مرحلة تصحيح أو استقرار مؤقت، خاصة مع مؤشرات فنية تُظهر تشبّعًا شرائيًا قويًا.
وقال ديفيد موريسون، كبير محللي الأسواق في Trade Nation، إن الذهب “اقترب من كسر مستوى 3800 دولار خلال الأسبوع، لكنه قد يحتاج إلى تصحيح سعري أو مرحلة تجميع جديدة قبل تحقيق قفزة أخرى نحو مستويات قياسية”.
وأضاف أن قوة البيانات الاقتصادية الأمريكية قد تدفع الفيدرالي إلى تباطؤ وتيرة الخفض، وهو ما قد يحدّ مؤقتًا من الزخم الصعودي للمعدن.
وجهات نظر متباينة
يرى فؤاد رزق زادة من City Index أن العوامل الأساسية الحالية، وعلى رأسها الديون الأمريكية المرتفعة واستمرار التضخم، إلى جانب الشراء القوي من البنوك المركزية، ستبقي الذهب مدعومًا، إلا أن أي تراجع في توقعات خفض الفائدة قد يعزز الدولار ويضغط مؤقتًا على الأسعار.
في حين تعتقد باربرا لامبريخت، محللة السلع في Commerzbank، أن الذهب يحتاج إلى “شرارة جديدة” لكسر مستوى 3,800 دولار، مشيرة إلى أن ضعف سوق العمل الأمريكي قد يكون العامل المحفّز القادم إذا أظهرت البيانات تدهورًا واضحًا في التوظيف.