تشهد سوق الذهب تقلبات حادة للغاية، إذ فشلت الأسعار في التماسك فوق مستوى الدعم البالغ 4000 دولار للأوقية، ومع ذلك، تؤكد إحدى مؤسسات الأبحاث أن موجة صعود الذهب لم تنته بعد، متوقعةً أن تصل الأسعار إلى 5000 دولار خلال العام المقبل.
ففي تقريرها السنوي Precious Metals Investment Focus، قالت مؤسسة Metals Focus للأبحاث إن حالة عدم اليقين الاقتصادي المستمرة تبقى العامل الأكبر الذي يدعم أسعار الذهب حتى العام الجديد.
وجاء في التقرير:«تماشيًا مع تطورات عام 2025، من المتوقع أن تظل حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية للولايات المتحدة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي عاملًا رئيسيًا في دعم توجه المستثمرين نحو الذهب».
وفي الوقت نفسه، يتوقع المحللون استمرار قوة الطلب الاستثماري من المستثمرين الأفراد، مع توقعات بمزيد من التيسير النقدي من مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ظل بيئة تضخمية مرتفعة، مما يخفض تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن النفيس كأصل غير مُدِر للعائد.
وأضاف التقرير:«التوترات التجارية، ومخاطر التضخم، وضعف الثقة، ستواصل دعم الطلب على الملاذات الآمنة، بينما تحد الضغوط المالية والشكوك بشأن استقلالية الفيدرالي من جاذبية الدولار. وحتى في حال كانت وتيرة خفض الفائدة أقل مما تتوقعه الأسواق، فإن انخفاض العوائد الحقيقية، والتوترات الجيوسياسية، واستمرار مشتريات البنوك المركزية، ستدفع الأسعار إلى قمم تاريخية جديدة».
وتتوقع المؤسسة البحثية البريطانية أن يبلغ متوسط سعر الذهب نحو 4560 دولارًا للأوقية خلال العام المقبل، بزيادة تبلغ 33% عن متوسط السعر منذ بداية العام.
وأكد التقرير أن هذه النظرة المتفائلة تعود إلى أن تخصيص المستثمرين للذهب لا يزال أقل بكثير من المستويات المسجلة عقب الأزمة المالية العالمية 2008، بما يشير إلى قدرة كبيرة على جذب تدفقات استثمارية إضافية، خاصة للمستثمرين متوسطِي وطويلِي الأجل.
وتأتي هذه التوقعات الصعودية في الوقت الذي يعاني فيه الذهب من ضعف في الزخم مع بداية هذا الأسبوع؛ إذ تراجع سعر جنيه الذهب الفوري إلى 3975 دولارًا للأوقية بانخفاض يتجاوز 3%، بعدما فقد 3% أيضًا الأسبوع الماضي.
الفضة: صعود قوي مرتقب رغم التراجعات الحالية
كما تتبنى Metals Focus توقعات إيجابية للغاية بشأن الفضة، متوقعةً أن ترتفع الأسعار إلى 60 دولارًا للأوقية خلال العام المقبل، بمتوسط سنوي عند 57 دولارًا للأوقية.
وتبدأ الفضة الأسبوع بخسائر حادة جديدة، حيث تراجعت الأسعار الفورية إلى 46.28 دولارًا بانخفاض يتجاوز 4%، بعد خسارة بلغت 6% الأسبوع الماضي.
ورغم هذه النظرة المتفائلة تجاه الفضة، إلا أن المحللين يتوقعون تفوق الذهب في الأداء على الفضة خلال عام 2026، خاصة في النصف الثاني من العام.
وأوضح التقرير:«بينما نتوقع أداءً أفضل للفضة مقابل الذهب في بداية فترة التوقعات، مع احتمال استمرار انخفاض نسبة الذهب إلى الفضة، فإننا نرجح العكس بدءًا من منتصف 2026. سواء كان ذلك نتيجة تباطؤ صعود النحاس، أو ارتفاع أسعار الفضة بما يعوق الطلب، أو تراجع مشتريات الهند من السبائك، فإن الذهب سيستعيد قيادته مجددًا».
العرض والطلب الصناعي ودور الهند
ويرى التقرير أن الطلب الصناعي سيظل محرّكًا مهمًا للفضة حتى عام 2026، حتى مع محاولات الصناعات تقليل الاعتماد عليها أو إيجاد بدائل أقل تكلفة.
وأضاف المحللون:«رغم جهود خفض استخدام الفضة بسبب الأسعار المرتفعة، فإن تعديل خطوط الإنتاج يحتاج وقتًا، ما يعني أن الطلب لن ينخفض سريعًا. كما ستعوض الاستثمارات القوية في السبائك والعملات — خصوصًا في الهند — جزءًا من هذا الانخفاض المحتمل».
أزمة السيولة العالمية في سوق الفضة
وفي جانب المعروض، تتوقع Metals Focus استمرار التحديات في سوق المعادن الثمينة، إذ أدت التهديدات الجمركية الأمريكية خلال العام الماضي إلى تدفق كميات هائلة من الفضة إلى مخازن نيويورك، ما تسبب في نقص حاد في لندن — أكبر مركز تداول فعلي عالمي للفضة.
وساهمت الطلب الاستثماري القوي في الهند في استنزاف المخزونات، ودفع الأسعار الفورية للصعود أعلى بكثير من أسعار عقود CME الآجلة، إلى جانب ارتفاع تاريخي لمعدلات تأجير الفضة.
وختم التقرير:«من المرجح أن تبقى السيولة المادية في سوق لندن شديدة الضيق على المدى القريب، نتيجة الطلب المرتفع، والعجز البنيوي في المعروض، وحالة عدم اليقين السياسي التي تُبقي مخزونات ضخمة من الفضة داخل الولايات المتحدة».
















































































