يبقى الأصل الحقيقي للشئ ما يحدد قيمته الفعلية بل وربما تنسج قصص اسطورية تعطي هالة من الضوء حوله، ما يعطىه مهابة ورونقًا خاصًا يجذب الأنظار نحوه، وفي عالم المجوهرات تنطبق هذه القاعدة بشكل كبير، فنجد أن قيمة الأحجار الملونة الراقية يمكن أن تزيد بشكل كبير اعتمادًا على أصولها، مما يجعل “بلد المنشأ” عاملًا حاسمًا في تحديد قيمة الحجر، إلى جانب عوامل جودة الحجر مثل اللون والحجم والشكل. ولكن ما الذي يتطلبه الأمر لاتخاذ قرارات دقيقة وموثوقة عن تحديد أصل الحجر الملون؟
ويسافر علماء الأحجار الكريمة الميدانيون في معهد الاحجار الكريمة حول العالم للبحث في المناجم وجمع العينات لمجموعة مرجعية من الأحجار الكريمة منقطعة النظير. ومع وجود 26002 عينة من الأحجار الكريمة الملونة ، من بينها اكسيد الالمونيوم والزمرد والإسبينيل والكسندريت والمزيد، تستمر المجموعة المرجعية لـمعهد الاحجار الكريمة في النمو. وتم توثيق هذه الأحجار الكريمة والبحث فيها بدقة.
ولكن، قد تتغير المعتقدات السابقة حول معايير الأصل الجغرافي مع توسع قواعد البيانات وجمع المزيد من المعلومات. على سبيل المثال، تم إلغاء الافتراض القائل بأن التألق البرتقالي في الياقوت الأزرق يشير فقط إلى أصل سريلانكي عندما كشف باحثو المعهد عن وجوده في رواسب متحولة متعددة منخفضة الحديد.
وتظل الأدوات المتقدمة ضرورية للمختبرات التي تصدر تقارير المنشأ الجغرافي. نظرًا لتطور هذه الأجهزة بشكل متزايد، فإن الأمر يتطلب المزيد من الخبرة لتشغيلها. وهذا ينطبق بشكل خاص على بعض تقنيات التحليل الكيميائي، مثل الاستئصال بالليزر. وقد تكون تكلفة هذه المعدات باهظة بالنسبة للمختبرات الصغيرة، لكن مختبرات معهد الاحجار الكريمة تستخدم المجاهر وأدوات التحليل الطيفي االفائقة لضمان التحديد الدقيق.
ويأتي من ضمن الحقائق المثيرة للاهتمام، حقيقة أن العوامل الجيولوجية لا الجغرافية هي التي تحدد رواسب الأحجار الكريمة، فلا تؤثر حدود الدولة على مكان تشكل الأحجار الكريمة، وقد تمتلك الأحجار الكريمة من رواسب مختلفة خصائص مماثلة. على سبيل المثال، لا يمكن تمييز بعض الياقوت الأزرق من ميانمار عمليا عن تلك التي نشأت في سري لانكا. يعد فهم هذه الجوانب الفنية أمرًا حيويًا لإجراء تقييمات دقيقة للأحجار الكريمة.
وتوفر ندوات تحديد أصل الحجر الملون، التي تنظمها مجموعة خريجي معهد الاحجار الكريمة والتي تغطي الياقوت والياقوت والزمرد للمهنيين فرصة التعلم من الباحثين الميدانيين المكرسين لهذه الدراسات. وتقدم الندوات موضوعات مثل رواسب الأحجار الملونة العالمية، وتقنيات التحليل المتقدمة، وبناء مجموعة المراجع الأصلية. كما توفر الجلسات التفاعلية والعروض التوضيحية الحية والمواد المرجعية الرقمية تجربة تعليمية جذابة وشاملة ، من بينها دراسات الحالة.
ويعد فهم تعقيدات تحديد بلد المنشأ جانبًا صعبًا ولكنه أمرًا حاسمًا في تجارة الأحجار الكريمة. ويمكن للحاضرين اكتساب رؤى مهمة حول قيمة ومصدر الأحجار الكريمة من خلال المشاركة في هذه الندوات الشاملة، لاتخاذ قرارات أكثر استنارة في هذه الصناعة سريعة التطور.