أعاد الماضي بجراءة إلى الحاضر وصاغه في مجوهرات.
” لا يوجد أحد مثله “there’s no one like him” هكذا قالت عنه الكاتبة الصحفية ” إلسا ماكسويل Elsa Maxwell” في مقال كتبته بـ ” هاربر بازار Harper’s Bazaar عام 1938.
ولد ” فولكو دي فيردورا Fulco di Verdura ” في عام 1898 في باليرمو ، إيطاليا ، ونشأ في أسرة أرستقراطية ، حصل على لقب الدوق عندما توفي والده في أغسطس 1923، وكان عليه أن يجد مهنة تتناسب مع وضعه الاجتماعي وتوفر له دخلا يتناسب مع أسلوب حياته.
في عام 1919 سفر ” فيردورا ” إلى باريس وتقابل مع المصممة العالمية ” كوكو شانيل CHANEL وأعجبت بفنه، فعينته مصممًا للمنسوجات بالشركة، وبعد 7 سنوات سنوات، انتقلت لتصميم المجوهرات وعين مصممًا رئيسيًا لمجوهرات شانيل.
وظف ” فيردورا ” تراثه البصري الغني ورؤيته الفريدة التي اكتسبها من خلال بيئته الارستقراطية التي عاش فيها، حيث منحه خياله الحيوي ومعرفته الرائعة بالفن والتاريخ والموسيقى والمسرح وجميع جوانب الثقافة ليصبح واحدًا من أكثر صائغي المجوهرات نفوذًا في عصر تحديث وتنشيط عالم المجوهرات.
كان ” فيردورا “مغرمًا بجدريات الفسيسفساء وبعد رحلة مع شانيل إلى كنيسة سان فيتالي في رافينا ، قام بتكييف «الصليب المالطي» لتزيين أساور اليد ودبابيس المينا الواسعة لأزرار الأكمام، حيث وضع مخططًا ذهبيًا على شكل صليب ، ووضع بداخله مجموعة من الأحجار الكريمة الملونة بقطع الكابشون كما رصعها بالمينا البيضاء، في تشبه بفن الفسيفساء، وأصبحت هذه الأساور علامة مميزة له.
هاجر ” فيردورا ” عام 1934 إلى الولايات المتحدة وعمل لدى مصمم المجوهرات بول فلاتو Paul Flato في هوليوود، وصمم مجوهرات لكثير من المشاهير مثل جريتا جربو ومارلين ديتريش وجوان كروفورد ،ليطلق عليه ” فلاتو ” صائغ النجوم “، وكان يوقع قطع المجوهرات باسم “Verdura for Flato” وأصبح هذا التوقيع محل إعجاب كل الطبقات الارستقراطية بالمجتمع الأمريكي.
أسس ” فيردورا ” متجره الخاص في نيويورك عام 1939 ، بشراكة مع جوزيف الفانو ، وأطلق علامته التجارية ” فيردورا Verdura، وترجع تسمية هذا الاسم إلهامًا من طفولته بإيطاليا، وحظى المحل بشعبية كبيرة لدى المجتمع الأمريكي.
ارتكزت تصميماته على عناصر مستمدة من فن النهضة الكلاسيكية والإيطالية، حيث حول رسومات الفسيفساء البيزنطية والقوالب الباروكية على واجهات المباني في الازوس في باليرمو إلى أعمال ثلاثية الأبعاد في تصميم المجوهرات.
كما دمج موضوعات الطبيعة في قطع المجوهرات، وصمم دبابيس تبدو وكأنها أوراق مصنوعة من الزركون الملون ، ورمان مصنوع من بذور الياقوت ، وكرة من الذرة الذهبية المصنوعة من حبات اللؤلؤ الأسود ، وخرشوف مصنوع من بتلات الزمرد.
في عام 1941 ، تعاون فيردورا مع سلفادور دالي في تصميم المجوهرات، إذ تأثر بسرياليته، أيضا في تلك السنة ، قام بتصميم أزرار أكمام “ليلًا ونهارًا” لكول بورتر التي كانت مستوحاة من كلمات الأغنية الناجحة وأصبحت منذ ذلك الحين قطع مميزة ضمن أعماله.
كان فيردورا يقضي معظم أوقاته في رسم وتصميم المجوهرات، وترك إرثًا كبيرًا لولا ” جوزيف الفانو” شريكه وصديقه المقرب منه، لضاع هذه الإرث لكنه جمعه وحافظ عليه وضمه لأرشيف يستخدم حتى اليوم.
تقاعد فيردورا عام 1973 وباع حصته من الشركة لجوزيف الفانو، وظل يرسم حتى وفاته عام 1978.
في عام 1985 اشترى وارد لاندريجان الرئيس السابق لدار مزادات سوذبي Sotheby’s في نيويورك، الشركة من جوزيف الفانو ” ، ومنذ ذلك الحين يواصل إنتاج المجوهرات على أساس رسومات فيردورا ومن أرشيفه الخاص.