مع ارتفاع أسعار الذهب لمستويات غير مسبوقة، تجاوز فيها جرام الذهب عيار 21 مستوى 5000 جنيه، مع ارتفاع الأوقية لأعلى مستوياتها عند 3500 دولار، وفي ظل تراجع قيمة الرواتب، لم يعد جرام الذهب في إمكانات المواطنين.
ارتفعت أسعار الذهب بالأسواق المحلية بنسبة 29 % منذ بداية العام، في حين ارتفعت الأوقية بالبورصة العالمية بنسبة 27 %، وفقًا لبيانات لمنصة «آي صاغة».
تعرضت أسواق الذهب لحالة من الركود التام خلال الفترات الماضية، وَسَط تزايد عمليات إعادة البيع المكثف للحصول على السيولة، وذلك بالرغم من الارتفاعات المتتالية في أسعار الذهب المحلية والعالمية.
أغلب الذين يتجهون للذهب خلال الفترة الحالية، إما ممن يخرجون من استثمارات أخرى كالبنوك وبيع العقارات، وبعضهم يشتري الذهب بصورة مؤقتة، ونسبة قليلة باستطاعتها استقطاع جزءًا من أموالها في الذهب، سواء بالاستثمار أو المضطرين للشراء من المقبلين على الزواج، مع الأخذ في الاعتبار تراجع الكميات المباعة.
الذهب على الرغْم من أهميته في حفظ القيمة أو ارتباطه بعادات وتقاليد الزواج، فإنه أصبح صعب المنال، في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع القوة الشرائية للمواطنين، ما يستوجب تضافرًا مجتمعيًا، سواء فيمَا بتعلق بالزواج أو يخص تحفيز صناعة كبيرة، تضم آلاف العاملين.
اتجهت بعض المصانع خلال العشر سنوات الأخيرة في تخفيض أوزان المشغولات الذهبية، وإذ يعد هذا الطرح وسيلة جيدة لتحفيز المبيعات وتلبية احتياجات المواطنين، لكنه أيضًا يحمل الكثير من المشاكل مع تقليل أوزان المشغولات وتعرضها للكسر أو التلف بسهولة في ظل تنفيذ بعض الشركات لقطع لا تزيد عن جرام.
في عام 2016، بحث الدكتور خالد حنفى وزير التموين والتجارة الداخلية السابق، مع أعضاء شعبة الذهب بالغرفتين التجارية والصناعية، ضرورة طرح عيارات ذهب منخفضة بالسوق، وذلك للتغلب على سوء الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها المجتمع، وكمحاولة لإنهاء حالة الركود، التي سيطرت على سوق الذهب.
ووفقًا لقانون مصلحة الدمغة والموازين، فإن القانون يسمح بتداول المشغولات الذهبية من العيار الواطي من عيار 14، وعيار 12، وعيار 9.
ومن خلال التقارير الرسمية للفحص والدمغ، للسنوات التالية لـعام 2016، تبين ضعف المطروح والمتداول من المشغولات الذهبية المنخفضة العيار بالأسواق، إذ لم يقبل عليها المجتمع المصر، لأنه ينظر للذهب باعتباره وعاء ادخاري في الأساس.
ولم تلق فكرة طرح مشغولات ذهب من عيار 14، اتفاقًا بين جميع مُصنعي الذهب، حيث تحمس لها البعض ورفضها آخرون، فيرى البعض أن الفكرة تحتاج أولًا إلى إقناع المواطنين بقبولها قبل تداولها بالأسواق، مثلما حدث في فترة الخمسينيات عندما طُرح عيار 18، إذ استغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى اقتنع الناس به، فالاختلاف بين كل عيار وآخر هو تخفيض للسعر، مما يُتيح الفرصة أمام المستهلكين للإقبال وشراء الذهب بأسعار أقل .
في حين رفض كثير من مصنعي وتجار الذهب هذا المقترح، إذ يرى البعض أنه يحمّل المُصنع خسائر كبيرة، نظرًا لصعوبة تشكيله لتمتعه بقدر من الصلابة، بالإضافة لزيادة نسبة الفقد “الخسية” خلال التصنيع، وبذلك ترتفع المصنعية، وكما ما هو معلوم، فمصنعية العيارات الأقل أكبر من مصنعية العيارات المرتفعة.
لكن التغيرات الاقتصادية الحادة الحالية، ربما تمثل عاملًا مساعدًا في تعزيز الطلب على عيار الذهب المنخفضة من عيار 14 وعيار 12 وعيار 9، الأوضاع الحالية صعبة للغاية، ومن ثم العمل على طرح مشغولات ذهبية من هذه العيارات، ربما هو الوقت المناسب لضغط المصانع وطرحها بالأسواق، وتوفير بدائل مختلفة العيار من المشغولات الذهبية.
كما مع المانع، أن تتجه بعض الشركات بإعادة طرح فكرة الذهب القشرة والتي بدأها اليهود عام 1912، بغرض السيطرة على السوق، وتوفير بدائل للذهب تلبي احتياجات الأسر المتوسطة والفقيرة، وهي الفكرة التي تبنها الخواجة اليهودي ليتو مراد مؤسس علامة الجمل، وتلاها علامة السمكة في عام 1913، ثم علامة الزرافة في عام 1918.
وكانت مصوغات الذهب القشرة، تصنع من النحاس المغطى بطبقة سميكة من الذهب، ولاقت هذه المصوغات قبولًا بين نساء القري والأرياف أكثر من الحضر، نظرًا لرخص ثمنها، إذ كانت هذه المصوغات تضاهي في أشكالها وجودتها المصوغات الذهبية المتداولة بالأسواق.
طرح مشغولات من الذهب منخفض العيار، يأتي في إطار مساعدة المواطن على التعايش مع الظروف المعيشية بتكلفة أقل، وتوفير فرص عمل في صناعة كثيفة العمالة، كما يفتح الباب لمزيد من الصادرات للخارج.