في سوق طهران القديمة، وقف أحد الباعة ينصح المتسوقين قائلاً: “أموالكم ميتة”، في إشارة إلى العملة المحلية المتدهورة، الريال، ثم أضاف: “اشتروا الذهب“.
هناك مفهوم في عالم المال يُسمى “المال الميت”، المال الذي لا يتحرك ويفقد قيمته مع مرور الوقت، ولكنه قابل للاستثمار.
اندفاع نحو الذهب هربًا من الانهيار الاقتصادي
يتجه الإيرانيون بشكل متزايد إلى الاستثمار في الذهب كوسيلة لحماية مدخراتهم في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع قيمة العملة المحلية، حيث شهدت أسعار الذهب في إيران ارتفاعًا يفوق الزيادة العالمية، مدفوعة بالقلق من العقوبات، والتوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، والانهيار المستمر للعملة، وارتفع سعر عملات الذهب بنسبة تفوق 80% خلال عام واحد، من 401 مليون ريال إلى 735 مليون ريال (نحو 900 دولار)، مقارنة بزيادة 45% في السعر العالمي لنفس الفترة.
ذهب… لكن بثمن مرتفع
رغم أن الذهب يُنظر إليه كملاذ آمن، إلا أن بعض المحللين يحذرون من فقاعة محتملة في السوق الإيرانية، فقد خسر بعض المستثمرين أموالهم بعد بَدْء مفاوضات الملف النووي مع الولايات المتحدة، ما أدى إلى تصحيح في الأسعار من مستوياتها القياسية.
حجم قياسي من الاستيراد
استوردت إيران رقمًا قياسيًا من الذهب بلغ 100 طن في السنة المالية المنتهية في مارس الماضي، بقيمة تُقدّر بـ8 مليارات دولار. ويُرجّح أن الحجم الحقيقي أكبر من ذلك بكثير، مع دخول كميات ضخمة من أسواق مجاورة مثل الإمارات وتركيا.
الذهب كـ”سلاح اقتصادي”
قال مجيد رضا حريري، رئيس غرفة التجارة الإيرانية الصينية: “إذا كانت الدول الأخرى تدير اقتصاداتها مثل الجيوش النظامية، فنحن نعمل كأننا حرب عصابات… اليوم هو الذهب، وغدًا قد يكون التيثر”.
ويُعتقد أن البنك المركزي الإيراني راكم احتياطات ذهبية ضخمة — ربما الأكبر في تاريخه — لمواجهة العقوبات المستقبلية. ولم يعلّق البنك على تلك التقارير.
تقلبات الأسعار تؤذي المدخرين
في نهاية مارس، قفزت أسعار عملات الذهب لفترة وجيزة إلى أكثر من مليار ريال، قبل أن تعود للانخفاض مع انطلاق المحادثات النووية/ وتقول فاطمة، وهي عاملة تنظيف تبلغ من العمر 24 عامًا: “لم أكن أبحث عن الربح، كنت فقط أريد حماية مدخرات عائلتي… لكن للأسف خسرناها”.
الطلب مستمر رغم العقبات
رغم التباطؤ النسبي، لا يزال الطلب على الذهب قويًا، مدفوعًا بعدم الثقة بالعملة المحلية والنظام المصرفي. ويحفظ كثير من الإيرانيين الذهب والدولارات في بيوتهم، بعيدًا عن أعين السلطات، بحسب محمد كشت ياراي من اللجنة الخاصة بالذهب والمجوهرات.
الذهب حاضر… ولكن بحذر
رغم أن الذهب يمنح الإيرانيين شعورًا بالأمان، إلا أن تقلبات السوق، والضغوط الاقتصادية، والقيود الحكومية المستجدة — مثل وقف الإعفاءات الجمركية على واردات الذهب — كلها مؤشرات على هشاشة هذا الملاذ، حتى وإن بدا آمنًا ظاهريًا.