في وقت تكافح فيه الفضة للحفاظ على مستوى الدعم الحرج عند 36 دولارًا للأوقية، وتواصل أسعار الذهب التحرك فوق مستوى 3300 دولار، يرى محللون أن الفضة لا تزال تتمتع بزخم صعودي قوي، بل وتشق طريقًا مستقلًا بعيدًا عن الذهب.
وفي أحدث تعليقاته على سوق المعادن الثمينة، أكد برنارد دحدح، محلل المعادن الثمينة في بنك Natixis، أنه لا يزال متفائلًا بشأن أداء الفضة، ويتوقع أن تواصل تفوقها على الذهب خلال النصف الثاني من عام 2025.
توقعات الأسعار: الفضة نحو 38 دولارًا والذهب مستقر
يتوقع دهده أن تصل أسعار الفضة إلى حوالي 38 دولارًا للأوقية بنهاية العام، وقد تم تداول الفضة مؤخرًا عند مستوى 36.20 دولار للأوقية.
انفصال تدريجي عن الذهب
وأشار دحدح إلى أن تفاؤله مدفوع بما وصفه بـ”الانفصال الكبير” بين مساري الذهب والفضة، فبينما كانت العلاقة الارتباطية بين المعدنين تقليديًا قوية جدًا (عند مستوى 0.8)، تراجعت منذ بداية العام إلى 0.55، وهو ما يعتبره مؤشرًا إيجابيًا لصالح الفضة.
وأضاف: “أظهرت تحليلات الانحدار (Regression Analysis) أن بيتا الفضة مقابل الذهب على مدى السنوات الخمس الماضية بلغ حوالي 1.5، ما يعني أن كل ارتفاع بنسبة 1% في الذهب يقابله ارتفاع بنسبة 1.5% في الفضة، لكن هذا النمط بدأ يتغير هذا العام، وهو ما يعزز فرضية أن الفضة أصبحت أقل تأثرًا بتحركات الذهب مقارنة بالماضي.”
الطلب الصناعي يقود المشهد
بعد أن تفوّق الذهب بشكل واضح على الفضة خلال العامين الماضيين نتيجة المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية التي عززت الطلب على الملاذات الآمنة، بدأت الفضة في استعادة الزخم منذ مايو، مع اتجاه المستثمرين للبحث عن “قيمة أكبر” داخل قطاع المعادن الثمينة.
ويتوقع دحدح أن يكون الطلب الصناعي المحرك الأساسي لسعر الفضة خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن نسبة الاستخدام الصناعي من إجمالي الطلب العالمي على الفضة ارتفعت إلى 59% في عام 2024، مقارنة بـ 51.5% في عام 2019.
كما أشار إلى أن الطلب من قطاع الطاقة الشمسية تحديدًا شهد قفزة لافتة، حيث:
-
شكّل 6% من إجمالي الطلب في 2015
-
ارتفع إلى 16% في 2023
-
يقترب حاليًا من 20% في 2024
مخاطر محتملة: الطاقة النظيفة والتشريعات الأمريكية
رغم التفاؤل، حذر دحدح من أن التحول نحو الطاقة الخضراء قد يكون أيضًا أكبر خطر يهدد آفاق الفضة.
وأوضح:”في حال تعثرت مشاريع النحاس أو تعرضت سردية التحول الطاقي لهزة، فقد تنهار أسعار الفضة بسرعة.”
ويضاف إلى ذلك مخاوف بشأن تشريع مقترح في مجلس الشيوخ الأمريكي قد يفرض ضريبة جديدة على مشاريع الطاقة المتجددة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، التي تُنجز بعد 31 ديسمبر 2027، في حال لم يتمكن المطورون من إثبات عدم استخدامهم لأي مكونات صينية، وفي المقابل، يوفر القانون نفسه حوافز ضريبية جديدة لإنتاج الفحم.
الفضة بدأت فعليًا في رسم مسارها المستقل، مدعومة بزخم صناعي قوي وانفصال نسبي عن تحركات الذهب، ومع استمرار العوامل الجيوسياسية والاقتصادية غير المستقرة، قد تصبح الفضة اللاعب الأبرز في سوق المعادن خلال النصف الثاني من 2025—لكن بشرط أن تبقى الرياح مواتية لمسار الطاقة النظيفة.