شهدت السوق المصرية تراجعًا ملحوظًا في الإقبال على شراء السبائك والجنيهات الذهب خلال الربع الثاني من عام 2025، بحسب تقرير حديث أصدره مجلس الذهب العالمي اليوم.
وبحسب البيانات، انخفضت مشتريات المصريين من هذه الأشكال الاستثمارية من الذهب إلى 5.9 طن، بتراجع قدره 23% مقارنة بالربع نفسه من عام 2024، والذي بلغ فيه حجم المشتريات 7.6 طن.
ورغم هذا الانخفاض السنوي، إلا أن الأرقام أظهرت تحسناً نسبياً مقارنة بالربع الأول من العام الجاري، الذي سجلت فيه المشتريات 4.7 طن، مما يعكس بداية عودة تدريجية للمستثمرين الأفراد إلى الذهب كأداة للتحوّط.
عودة للذهب… ولكن بحذر
وتعليقًا على هذه الأرقام، أوضح محللون أن العودة للذهب لا ترتبط فقط بالثقة التقليدية في المعدن النفيس، بل أيضًا بانعدام البدائل الاستثمارية الجذابة في السوق المحلية.
فمع ركود سوق العقارات، وضعف فرص الوصول إلى أدوات مالية تقدم عوائد حقيقية وسط التضخم المرتفع، يجد كثير من المصريين في الذهب وسيلة عملية لحماية مدخراتهم.
لكن هذه العودة، كما يشير الخبراء، تتم وفق استراتيجية أكثر وعيًا وترويًا، فالمستهلك اليوم لا يشتري الذهب لمجرد الادخار طويل الأجل، بل بات ينظر إليه كأداة تحوّط قصيرة إلى متوسطة الأجل، يتابع الأسعار لحظة بلحظة، ويؤجل قرارات الشراء أو البيع تبعًا لحركتها.
الذهب عالميًا: الطلب الاستثماري يدفع الارتفاع
على الصعيد العالمي، أظهر التقرير ذاته أن الطلب على الذهب ارتفع بنسبة 3% خلال الربع الثاني من 2025، ليبلغ إجمالي الطلب العالمي (بما في ذلك التداولات خارج البورصة) نحو 1248.8 طنًا.
ويرجع هذا النمو بالأساس إلى ارتفاع الطلب الاستثماري بنسبة 78%، في وقت شهدت فيه مشتريات البنوك المركزية تراجعًا حادًا.
فقد سجلت البنوك المركزية مشتريات بلغت 166.5 طنًا فقط، بانخفاض يقارب الثلث مقارنة بالربع الأول، وهو ما أدى إلى تراجع مشترياتها خلال النصف الأول من 2025 إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2022.
أما قطاع المجوهرات، فقد شهد هو الآخر انخفاضًا لافتًا، حيث تراجع الطلب العالمي على المجوهرات الذهبية بنسبة 14% إلى 341.0 طنًا، وهو أدنى مستوى له منذ الربع الثالث من 2020.
تحليل استراتيجي: الأسعار المرتفعة تربك الأسواق
وقال “جون ريد”، كبير المحللين الاستراتيجيين في مجلس الذهب العالمي، إن الارتفاع السريع في أسعار الذهب خلال الشهور الماضية ساهم في كبح رغبة بعض البنوك المركزية في الشراء، كما دفع المستثمرين الأفراد إلى التريث خوفًا من انعكاس محتمل في الأسعار.
في ظل هذا السياق العالمي، يبدو أن السوق المصرية تسير بخطى محسوبة، فمع أن الذهب لا يزال في الوجدان الشعبي رمزًا للأمان المالي، إلا أن طريقة التعامل معه تغيّرت، إذ أصبح أداة يتفاعل معها المستثمر بحذر، وفق حسابات معقّدة تتأثر بـ سعر الصرف، وأسعار الفائدة، ومعدلات التضخم.
وبينما يُتوقع استمرار الحذر في طلب المشغولات الذهبية، قد تشهد السبائك والعملات انتعاشًا محدودًا إذا حافظت الأسعار على مسارها الصاعد أو استقرت عند مستويات مرتفعة.