يواجه المستهلكون حول العالم ضغوط تضخمية مرتفعة، إذ أظهر مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي في الولايات المتحدة لشهر يوليو زيادة سنوية بنسبة 3.1%، غير أن هذا التضخم، وفق رؤية بعض المحللين، ليس سوى جزء صغير من الصورة الأوسع لانكماش القوة الشرائية للعملات الورقية، وهو ما سيواصل دعم الطلب على الذهب على المدى الطويل.
في مقابلة صحفية قال ثورستن بولليت، الأستاذ الفخري للاقتصاد في جامعة بايرويت والناشر لتقرير BOOM & BUST REPORT، إن الذهب والفضة يقتربان من اختراقات قوية مدفوعة بالنمو غير المقيد لنظام النقود الورقية.
وأضاف:”هناك سعي حثيث نحو تأمين الأصول الآمنة، والناس باتوا أكثر تشككًا في القوة الشرائية لجميع العملات الورقية، ويمكننا أن نرى ذلك بوضوح في سوق الذهب العالمي.”
وأشار إلى أن الذهب لا يحافظ فقط على مكاسبه فوق مستوى 3,300 دولار للأوقية، بل يسجل مستويات قياسية أمام الين الياباني، ويقترب من مستويات قياسية أمام الجنيه الإسترليني واليورو والدولار الكندي والفرنك السويسري وغيرها من العملات الكبرى.
وأكد بولليت أن تصاعد الديون العالمية هو المحرك الأساسي للتضخم، فديون الحكومات ترتفع في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وأوروبا، مما يجعل من الصعب على البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة، لأن ذلك سيزيد من تكلفة خدمة الديون ويضغط على النمو الاقتصادي.
ويرى أن المرحلة المقبلة قد تشهد ليس فقط خفضًا للفائدة، بل أيضًا عودة إلى سياسات الكبح المالي (Financial Repression) وربما تطبيق سيطرة على منحنى العائد (Yield Curve Control)، وهذه السياسات تعتمد على أدوات غير مباشرة، مثل الفائدة الصفرية والسياسات التضخمية، لتقليص الديون العامة على حساب المدخرات الخاصة.
وتأتي هذه الرؤية في وقت حافظ فيه الاحتياطي الفيدرالي على سياسة نقدية محايدة خلال النصف الأول من العام، بخلاف أغلب البنوك المركزية الكبرى، وتتوقع الأسواق خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس الشهر المقبل، مع احتمال بنسبة 60% لخفضين إضافيين قبل نهاية العام، ورغم زيادة رهانات التيسير النقدي، ظل العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات فوق مستوى 4%.
وأوضح بولليت أن بقاء العوائد مرتفعة أمر طبيعي، لأن المستثمرين يبحثون عن عائد أكبر مقابل مخاطر الديون المتصاعدة، لكنه لا يتوقع تجاوز العائد مستوى 5%، مرجحًا أن يسعى الفيدرالي لخفض الفوائد القصيرة الأجل بما يؤدي أيضًا إلى هبوط العوائد الطويلة، وإذا لم يتحقق ذلك، فقد تعود البنوك المركزية إلى شراء السندات لدفع العوائد للانخفاض، مما سيؤدي – وفق تقديره – إلى مزيد من ارتفاع أسعار الذهب.
وختم بولليت بالتأكيد على أنه يرى إمكانات وزخمًا قويًا في سوق الذهب، متوقعًا أن ترتفع الأسعار قبل نهاية العام، وأنه على المدى الطويل قد تتضاعف أسعار الذهب خلال 5 إلى 10 سنوات.