شهد الربع الثاني من العام الحالي تحوّلًا لافتًا في توجهات الاستثمار المؤسسي، بعدما كشفت بيانات حديثة أن صندوق هارفارد الوقفي (Harvard Management Company) استثمر للمرة الأولى في الذهب عبر شراء أسهم بقيمة 101.5 مليون دولار في صندوق SPDR Gold Shares، وهو أكبر صندوق متداول مدعوم بالذهب في العالم.
كما اشترى الصندوق خلال الفترة نفسها 1.906 مليون سهم في صندوق iShares Bitcoin Trust (IBIT) التابع لشركة بلاك روك، بقيمة تقديرية بلغت نحو 117 مليون دولار، وبهذا بات الذهب والبتكوين معًا يشكلان حوالي 15% من محفظة الصندوق المتداولة علنًا، مقارنة بنسبة لا تتجاوز 3% في نهاية العام الماضي، بينها أقل من 1% موجهة للموارد الطبيعية.
تأثير محتمل على القطاع
هذه الخطوة قد تحمل تداعيات بعيدة المدى على قطاع صناديق التقاعد والوقف الجامعي، الذي وصل حجمه العالمي إلى 58.5 تريليون دولار بنهاية العام الماضي، وفق تقرير معهد WTW Thinking Ahead.
عادةً ما تركز هذه الصناديق على الاستثمارات طويلة الأجل مثل السندات ذات الآجال الطويلة، والأسهم، ورأس المال الخاص، والائتمان الخاص، وتتجنب الأصول البديلة مثل الذهب أو العملات الرقمية.
لماذا الآن؟
اللافت أن هذه هي المرة الأولى التي يكسر فيها أحد أكبر الصناديق الجامعية في العالم هذه القاعدة، ما يثير التساؤلات حول ما رآه مديرو استثمارات هارفارد في الاقتصاد العالمي ليجعل الذهب جذابًا في هذه المرحلة.
فالذهب تاريخيًا أثبت قدرته على التفوق على أسواق الأسهم في أوقات الأزمات، لكنه ظل مُستبعَدًا من المحافظ المؤسسية لأنه أصل “يصعب تقييمه”، ولا يدر عائدًا مثل السندات أو الأسهم.
أصوات من السوق
-
خلال السنوات الماضية، كان المبرر الأبرز لرفض الاستثمار في الذهب هو أنه “أصل بلا قيمة قابلة للقياس”، أحد مديري الصناديق الصغيرة لخّص الموقف بقوله: “إذا لم يكن لديه EBITDA، فلن أشتريه.”
-
هذا المنطق جعل الذهب غائبًا عن استراتيجيات التنويع، رغم أنه تاريخيًا أثبت قدرته على تقليل المخاطر وتعزيز الأداء.
-
خطوة هارفارد تكسر هذا التقليد، وتفتح الباب أمام مؤسسات أخرى لإعادة النظر في المعدن النفيس كأداة تنويع حقيقية.
نحو اتجاه صاعد طويل الأجل
رغم أن الذهب لا يمنح عوائد مباشرة، فإن دخوله في محافظ الصناديق العملاقة مثل هارفارد قد يمنحه دفعة إضافية نحو ترسيخ مساره الصاعد طويل الأمد، خصوصًا مع استمرار الضغوط التضخمية ومخاطر التباطؤ الاقتصادي العالمي.
دخول هارفارد إلى الذهب يمثل تحولًا استراتيجيًا مهمًا في فلسفة الاستثمار المؤسسي، ويعزز مكانة المعدن النفيس كأصل لا غنى عنه في مواجهة تقلبات الأسواق، وهو ما قد يغير قواعد اللعبة لسنوات مقبلة.