كتب: وليد فاروق
في عام 2025، تعزز بوتسوانا، أكبر منتج للألماس الخام من حيث القيمة على مستوى العالم، جهودها للسيطرة الأغلبية على دي بيرز De Beers، الشركة الرائدة عالميًا في تعدين وتسويق الألماس.
هذه الخطوة، بقيادة الرئيس دوما بوكو، تهدف إلى تأمين أكثر من 50% من ملكية دي بيرز De Beers، مستندة إلى الحصة الحالية لبوتسوانا البالغة 15% ودورها الحاسم في توفير 70% من إنتاج De Beers من الألماس الخام من خلال الشراكة في شركة ديبسوانا Debswana، مدفوعة بأهداف التنويع الاقتصادي، والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، وسوق الألماس العالمي الذي يواجه تراجعًا في الإنتاج والطلب، قد تعيد هذه الخطوة تشكيل صناعة الألماس.
خلفية الشراكة بين بوتسوانا وDe Beers
بدأت الشراكة بين بوتسوانا و دي بيرز De Beers (أكبر شركة لإنتاج الألماس في العالم) في عام 1969 من خلال الشركة المشتركة ديبسوانا Debswana، حيث تمتلك كل طرف 50% منها، حيث تعمل ديبسوانا Debswana على أربع مناجم رئيسية في بوتسوانا، وتوفر حوالي 70% من إنتاج دي بيرز De Beers الخام..
حاليًا، تمتلك بوتسوانا 15% فقط من دي بيرز De Beers نفسها، بينما تمتلك أنجلو أمريكان Anglo American (الشركة الأم لـDe Beers) 85 %.
الألماس يشكل 30% من الناتج المحلي الإجمالي لبوتسوانا و80% من الصادرات، ومع ذلك، يعاني الاقتصاد من تقلبات السوق، مثل انخفاض الطلب من الصين ومنافسة الألماس المخبري (lab-grown)، مما أدى إلى تراكم مخزونات غير مباعة بقيمة 2 مليار دولار لدى دي بيرز De Beers.
التطورات الرئيسية في 2025
في مايو 2024، أعلنت أنجلو أمريكان Anglo American عن خطط لبيع أو طرح عام أولي لحصتها في دي بيرز De Beers كجزء من إعادة هيكلة الشركة بعد رفض عرض استحواذ من ” بي إتش بي BHP” وتم خفض تقييم دي بيرز De Beers إلى 4.1 مليار دولار في فبراير 2025 بسبب الركود في السوق، مع انخفاض الإيرادات بنسبة 44% في الربع الأول.
في يوليو 2025، أكدت وزيرة التعدين والثروة المعدنية في بوتسوانا بوجولو كينيويندو Bogolo Kenewendo أن الرئيس دوما بوكو Duma Boko (الذي تولى المنصب في نوفمبر 2024 بعد انتخابات تاريخية) مصمم على زيادة حصة بوتسوانا إلى أكثر من 50% لتحقيق “سيطرة كاملة” على دي بيرز De Beers، بما في ذلك سلسلة القيمة بأكملها (التعدين، التسويق، والمبيعات).
قالت كينيويندو Kenewendo: “أي بيع بدون دعمنا سيكون صعبًا التحقيق”، وانتقدت Anglo لعدم الشفافية في العملية. هذا يأتي قبل موعد تقديم العروض في أوائل أغسطس 2025.
في فبراير 2025، وقعت بوتسوانا وDe Beers اتفاقًا يمتد إلى 2033، يزيد حصة بوتسوانا من إنتاج شركة ديبسوانا Debswana المباع عبر شركتها الحكومية Okavango Diamond Company من 25% إلى 50% تدريجيًا على مدى عقد، هذا الاتفاق يعزز الثقة في السوق ويخلق صندوقًا لتطوير صناعة الألماس، يدعم التنويع الاقتصادي وفقًا لـ”رؤية بوتسوانا 2036″.
الدوافع وراء سعي بوتسوانا
بوتسوانا توفر 70% من إنتاج دي بيرز De Beers، مما يمنحها نفوذًا كبيرًا، الرئيس بوكو Boko أكد في يناير 2025 أن الحكومة تتفاوض لزيادة الحصة، مشددًا على التنويع الاقتصادي نحو الطاقة الخضراء والزراعة الذكية، مع الاعتماد الأقل على الألماس.
مع عجز ميزانية متوقع بنسبة 7.5% بحلول 2026، ترى بوتسوانا في السيطرة فرصة لالتقاط أرباح أكبر (تصل إلى 300% في سلسلة القيمة من الخام إلى المصقول)، كما تسعى لبناء صناعات محلية للقطع والتلميع لخلق فرص عمل.
انخفاض الطلب العالمي، المنافسة من الألماس المخبري، والعقوبات على الروسيا (أكبر منتج) دفعوا بوتسوانا لتعزيز دورها في التسويق المباشر عبر ODC، التي باعت 15% من الإنتاج بشكل مستقل منذ 2012.
التحديات والتأثيرات المحتملة
محللون يشككون في قدرة بوتسوانا المالية على شراء الحصة، رغم تأكيد كينيويندو Kenewendo أن “التمويل ليس مشكلة”، حيث نفت أنجلو أمريكان Anglo American الاتهامات بعدم الشفافية وأكدت استمرار الحوار، كما أن السوق العالمي يتوقع إنتاج ألماس خام أقل في 2025 (105 مليون قيراط، أدنى منذ 1995).
- التأثيرات:
- على بوتسوانا: تعزيز السيادة الاقتصادية وتنويع الاقتصاد، مع إمكانية تطوير بوتسوانا كمركز عالمي لمعالجة الألماس.
- على صناعة الألماس: قد يغير ديناميكيات السوق، مما يجعل الأسعار أكثر استقرارًا ويقلل الاعتماد على الشركات الغربية، هذا يُلهم دولًا أخرى مثل ناميبيا وأنغولا في “القومية المواردية”.
- على أنجلو أمريكان Anglo American: يعقد عملية البيع، حيث تهدد بوتسوانا بتعطيل أي صفقة بدون موافقتها، العروض تشمل مجموعات من قطبي السلع مثل Anil Agarwal وقطر.
التأثير على أسعار الألماس عالميًا
بناءً على التطورات الجارية في عام 2025، يمكن تلخيص تأثير دفع بوتسوانا للسيطرة الأغلبية على دي بيرز De Beers (من خلال زيادة حصتها من 15% إلى أكثر من 50%) على أسعار الألماس الخام والمصقول عالميًا كالتالي، هذا التأثير يعتمد على عوامل مثل الركود الحالي في السوق، تراجع الطلب، وتغييرات في الإنتاج والتسعير.
عدم اليقين والضغط الهبوطي على الأسعار:
عملية بيع شركة أنجلو أمريكان Anglo American لحصتها (85%) في دي بيرز De Beers تواجه تعقيدات بسبب مطالب بوتسوانا بالسيطرة الكاملة، مما يثير مخاوف المستثمرين ويؤدي إلى تقلبات في السوق.
عدم اليقين قد يضغط على الأسعار إلى الأسفل، خاصة مع تراكم المخزونات غير المباعة (حوالي 2 مليار دولار لدى دي بيرز De Beers)، على سبيل المثال، في الربع الأول من 2025، انخفضت إيرادات دي بيرز De Beers بنسبة 44% إلى 520 مليون دولار، وانخفض متوسط السعر المحقق للقيراط الخام بنسبة 5% إلى 155 دولارًا، مدفوعًا بانخفاض الإنتاج بنسبة 11% إلى 6.1 مليون قيراط، معظمها من بوتسوانا.
كما أن دي بيرز De Beers لجأت إلى بيع الماس بخصومات سرية لتقليل المخزونات دون خفض الأسعار الرسمية، مما يشير إلى ضغط تجاري يمكن أن يتفاقم إذا استمر النزاع.
انخفاض الطلب العالمي:
السوق يعاني بالفعل من ركود بسبب تباطؤ الطلب من الصين والمنافسة من الألماس المخبري، ودفع بوتسوانا قد يؤخر عمليات البيع أو يقلل الإنتاج مؤقتًا، مما يحافظ على الأسعار منخفضة. في يوليو 2025، انخفضت أسعار الألماس المصقولة بنسبة 0.3% للقيراط، وانخفضت صادرات بلجيكا (مركز رئيسي) بنسبة 46%، هذا السياق يجعل أي تغيير في السيطرة يؤثر سلبًا على الثقة، مما يعيق التعافي السريع.
إمكانية رفع الأسعار من خلال السيطرة على الإنتاج:
إذا نجحت بوتسوانا في السيطرة (كما يطالب الرئيس Duma Boko بالسيطرة على العمليات، التسويق، والأرباح)، فإنها قد تنفذ استراتيجيات لتعظيم الإيرادات عبر سلسلة القيمة الكاملة، مثل تقليل الإنتاج لتقليل الفائض وزيادة الأسعار.
بوتسوانا تساهم بـ70% من إنتاج دي بيرز De Beers، لذا يمكن أن تؤدي سيطرتها إلى سياسات تسعير أعلى، خاصة مع اتفاق فبراير 2025 الذي يزيد حصتها في المبيعات من 25% إلى 50% تدريجيًا حتى 2033، ويمدد التراخيص حتى 2054. هذا قد يرفع الأسعار بنسبة تصل إلى 300% في مراحل التلميع والتجارة، مما يعزز الاستقرار ويقلل الاعتماد على الأسواق الخارجية.
فرص التعافي والاستقرار:
مع توقعات بانخفاض الإنتاج العالمي إلى 105 مليون قيراط في 2025 (أدنى مستوى منذ 1995)، قد تساعد السيطرة البوتسوانية في تقليل المخزونات ودعم ارتفاع الأسعار، خاصة إذا تحسن الطلب العالمي.
محللون يرون أن هذا يمكن أن يعيد هيكلة الصناعة نحو “القومية المواردية”، مما يجعل الأسعار أكثر استقرارًا على المدى الطويل. ومع ذلك، إذا فشلت المفاوضات، قد يستمر الركود، مع انخفاض تقييم De Beers إلى 4.1 مليار دولار.
السياق العالمي:
السوق يتأثر أيضًا بعوامل خارجية مثل العقوبات على روسيا (أكبر منتج آخر) والرسوم الأمريكية على الواردات الهندية (50%)، مما قد يعزز دور بوتسوانا كمصدر مستقر ويرفع الأسعار إذا تم السيطرة.
يتوقع المحللون أن يتم الإعلان عن صفقة نهائية قبل نهاية 2025، خاصة مع موعد العروض في أغسطس، إذا نجحت بوتسوانا، ستكون هذه خطوة تاريخية نحو السيطرة الكاملة، لكنها قد تواجه عقبات قانونية أو مالية، في الوقت الحالي (2 سبتمبر 2025)، لا توجد تحديثات جديدة عن نتائج العروض، لكن التوترات مستمرة.