قالت كافيتا شاكاو، مديرة الأبحاث في مجلس الذهب العالمي بالهند، إن سوق الذهب العالمي والمحلي يشهد موجة استثنائية من الارتفاعات، مدفوعة بتزايد الطلب الاستثماري، وتراجع الدولار، واستمرار المخاطر الجيوسياسية. وأكدت أن هذه العوامل مجتمعة ساعدت المعدن الأصفر على تسجيل قمم سعرية جديدة خلال الأسابيع الأخيرة.
وأضافت شاكاو أن عقود الذهب الآجلة أغلقت في منتصف سبتمبر عند مستوى تاريخي بلغ 3,688.90 دولارًا للأوقية، لترتفع المكاسب منذ بداية العام إلى نحو 40%.
وأوضحت أن الأسعار العالمية صعدت بنسبة 4% في أغسطس ثم 6.7% في أوائل سبتمبر، بدعم من توقعات خفض الفائدة الأمريكية وتراجع عوائد السندات، إلى جانب التدفقات القوية في صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب (ETFs).
وأشارت إلى أن الأسعار المحلية في الهند تأثرت بموجو الصعود نفسها، مضيفة أن ضعف الروبية أسهم في تضخيم المكاسب، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 44% منذ بداية العام لتصل إلى 106,863 روبية لكل 10 جرامات.
ولفتت إلى أن الخصومات السعرية، التي سيطرت منذ ديسمبر الماضي، بدأت تضيق بشكل ملحوظ بل تحولت إلى علاوة طفيفة في أواخر أغسطس ومنتصف سبتمبر، وهو ما يُعد تطورًا مهمًا يعكس قوة الطلب.
( الخصومات والعلاوت: يقصد بها الفرق بين السعر المحلي والعالمي).
موسم الأعياد: الاستثمار يقود الانتعاش
وأوضحت شاكاو أن الطلب الاستثماري على السبائك والعملات في الهند قاد التعافي الأخير، بينما جاء الطلب على المجوهرات متفاوتًا؛ إذ ظلت مشتريات الزواج قوية نسبيًا، لكن الأسعار المرتفعة أثرت على المشتريات اليومية والتقليدية، ما دفع المستهلكين للتحول نحو مشغولت بعيارات أقل.
وأضافت أن كبار التجار سجلوا زيادة في الإقبال مدعومة بحملات ترويجية وخطط توسع في افتتاح المتاجر، بينما استمر التجار الصغار في مواجهة ضغوط الطلب.
وأكدت أن نشاط استبدال المشغولات القديمة بالجديدة كان عنصرًا مهمًا في تعزيز المبيعات، لافتة إلى أن قيمتها ارتفعت رغم انخفاض الكميات بفضل الأسعار المرتفعة.
كما أوضحت أن تجار الجملة كثفوا من مشترياتهم منذ أوائل سبتمبر، تحسبًا لزيادة الطلب الموسمي مع دخول موسم الأعياد، وبدعم من توقعات خفض ضريبة السلع والخدمات (GST) على مجموعة من المنتجات الاستهلاكية، وهو ما قد يوفر دفعة إضافية للإنفاق الأسري.
صناديق الذهب (ETFs): تدفقات قياسية
وأكدت شاكاو أن صناديق الذهب في الهند شهدت في أغسطس تدفقات صافية قوية بلغت 21.9 مليار روبية (250 مليون دولار)، بزيادة 74% عن الشهر السابق، وهي ثاني أكبر تدفقات هذا العام.
وأشارت إلى أن الأصول المُدارة لهذه الصناديق ارتفعت إلى مستوى تاريخي عند 724 مليار روبية (8.3 مليار دولار)، مع زيادة الحيازات إلى 70 طنًا.
وأضافت أن عمليات الاسترداد هبطت لأدنى مستوى في سبعة أشهر، ما يعكس توجهًا استثماريًا طويل الأجل، مؤكدة أن المستثمرين فضلوا البقاء في السوق رغم ارتفاع الأسعار، وهو ما يعزز ثقتهم في الذهب كأصل استراتيجي.
ولفتت إلى أن السوق شهد إضافة 164 ألف حساب استثماري جديد في أغسطس وحده، ما رفع عدد الحسابات النشطة إلى 8.03 مليون حساب، بزيادة 24% منذ بداية العام، بجانب إطلاق صندوق جديد ليرتفع العدد الإجمالي لصناديق الذهب في الهند إلى 22 صندوقًا.
البنك المركزي والاحتياطيات
وحول دور البنك المركزي، قالت شاكاو إن بنك الاحتياطي الهندي، لم يضف أي كميات جديدة من الذهب في أغسطس للشهر الثاني على التوالي، لتبلغ المشتريات منذ بداية العام 3.8 طن فقط مقابل 45.4 طنًا في الفترة نفسها من 2024.
لكنها أوضحت أن قيمة احتياطيات الذهب واصلت الصعود بفضل الأسعار، لتصل إلى مستوى قياسي عند 880 طنًا، وتمثل الآن 12.5% من إجمالي الاحتياطي الأجنبي مقارنة بـ 9% العام الماضي.
الواردات: مرونة الطلب رغم الأسعار
وأكدت شاكاو أن واردات الذهب ارتفعت بقوة في أغسطس إلى 5.2 مليار دولار (+37% على أساس شهري)، وهو أعلى مستوى في 9 أشهر، حيث قُدرت الكميات المستوردة بنحو 60–65 طنًا مقارنة بـ 46 طنًا في يوليو، ما يعكس مرونة الطلب رغم المستويات المرتفعة للأسعار.
واختتمت شاكاو تصريحاتها قائلة:”الذهب في الهند يدخل موسم الأعياد بزخم قوي مدعوم بالطلب الاستثماري وتوقعات المستهلكين، ورغم أن الأسعار المرتفعة قد تحد من بعض المشتريات، فإن العوامل الموسمية والاقتصادية والجيوسياسية تجعل المعدن الأصفر في موقع قوة. هذه التطورات تؤكد أن الذهب لا يزال الملاذ الأكثر موثوقية في أوقات عدم اليقين.”