تشهد أسواق الفضة العالمية موجة غير مسبوقة من الارتفاعات، تجاوزت خلالها الأسعار مستوى 54 دولارًا للأوقية لتسجل أعلى مستوياتها التاريخية، وسط زيادة في الطلب الاستثماري والصناعي، في وقت بدأ فيه المستهلكون الأمريكيون بالتوجه إلى بيع مقتنياتهم الفضية القديمة للاستفادة من الأسعار المرتفعة.
وقالت توبينا كاهن، رئيسة دار “خان إستيت” للمجوهرات في شيكاغو، إن متاجرها شهدت خلال الأسابيع الأخيرة إقبالًا استثنائيًا من العملاء الراغبين في بيع منتجاتهم الفضية، مشيرة إلى أن حجم المعروض فاق كل التوقعات.
وأوضحت كاهن في تصريحات صحفية أن “كثيرًا من الناس يعتبرون هذه اللحظة فرصة ذهبية لجمع السيولة قبل موسم الأعياد، بعد أن احتفظوا بمقتنيات فضية ورثوها عن أمهاتهم وجدّاتهم لعقود طويلة، بعضها ملفوف في صحف قديمة تعود إلى أكثر من عشرين عامًا”.
وأشارت إلى أنها اشترت مؤخرًا طقم شاي فضي من الفضة الإسترلينية يزن 150 أوقية بقيمة تقارب 5700 دولار، مؤكدة أن ارتفاع الأسعار غيّر نظرة كثير من الأسر إلى المقتنيات العائلية القديمة.
وأضافت:”مع التضخم المتزايد وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وتراجع القوة الشرائية للدولار، أصبح كثير من الناس يعتبرون بيع الفضة القديمة مصدرًا مهمًا لتغطية نفقات المعيشة”.
تحذيرات قبل البيع
وحذّرت كاهن المستهلكين من التسرع في البيع دون التأكد من أن القطع مصنوعة من الفضة الإسترلينية الحقيقية، وهي سبيكة تحتوي على 92.5% من الفضة و7.5% من النحاس أو معادن أخرى.
وأوضحت أن القطع الأصلية تُختم عادة بعلامة “925” أو كلمة Sterling، بينما الفضة المطلية لا تحمل قيمة تُذكر في السوق الثانوية.
كما أشارت إلى أن المجوهرات الفضية الصغيرة الحجم لا تحقق أسعارًا مجزية بسبب وزنها المحدود، في حين يلقى الإقبال الأكبر على الأدوات المنزلية والتحف الفضية الثقيلة.
عجز قياسي في المعروض
ورغم تدفق كميات من الفضة المعاد تدويرها إلى الأسواق، يرى محللون أن ذلك لن يكون كافيًا لسد الفجوة في المعروض، إذ يتوقع معهد الفضة الدولي أن يبلغ العجز في الإمدادات نحو 187.6 مليون أوقية هذا العام، وهو ثالث أكبر عجز في التاريخ الحديث.
وأكدت كاهن أن هذا النقص، إلى جانب الطلب الصناعي القوي من قطاعات مثل الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية، يدفع الأسعار إلى مستويات أعلى.
وقالت بسخرية:”لن نحصل على عدد كافٍ من أطقم الشاي لتلبية احتياجات تيسلا من الفضة. السوق يحتاج إلى أسعار أعلى لتحقيق التوازن، وقد نرى الأونصة عند 100 دولار قريبًا”.
الفضة تتفوق على الذهب
وارتفعت أسعار الفضة بأكثر من 86% منذ بداية العام، متجاوزة وتيرة صعود الذهب، بدعم من الطلب الصناعي والاستثماري المتزامن، فيما تتوقع كاهن أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خفض أسعار الفائدة، ما سيعزز من جاذبية المعادن النفيسة كملاذات استثمارية آمنة.
واختتمت كاهن تصريحاتها بقولها:”المعادن النفيسة تعيش لحظتها الذهبية… والفضة هذه المرة ليست ظلًّا للذهب، بل نجم السوق الحقيقي.”