داخل أحد الحواري في شارع المعز بمنطقة الحسين، توجد حارة الصالحية، تلك الحارة التي يتجاوز عمرها 800 عام منذ أن أنشأها السلطان الصالح نجم الدين أيوب، ولكن اشتهرت خلال الـ 100 عام الماضية بتجارة الأحجار الكريمة، حيث تضم العديد من الأنواع والأشكال والأحجام من الحجارة.
حاور عيار 24 أقدم تاجر أحجار كريمة في حارة الصالحية، هو الحاج عصام رشاد، والذي أوضح أن حجم استيراد مصر من الأحجار الكريمة يصل إلى 99.9 % من احتياجات السوق المحلي، رغم أن مصر تمتلك 3 أنواع من الأحجار الكريمة، منها حجر الفيروز في سيناء، ولكن بسبب التكاليف المرتفعة لا يتم استخراج هذه الأحجار، كما لا يستورد أحجار خام، لأن تكلفة تقطيع وصقل الأحجارم مرتفعة، حيث تبلغ تكلفة قطع وصقل الحجر لنحو 50 جنيهًا في مصر، بينم تبلغ نحو 10 قروش في الصين.
وإلي نص الحوار:
كم يبلغ متوسط سعر قيراط الأحجار الكريمة؟
لا نستطيع تحديد سعر الجرام من الأحجار الكريمة؛ نظرًا لأن هناك الكثير من الأحجار التي لا حصر لها، فهناك حجر طبيعي يصل سعره إلى 100 جنيه، وهناك حجر يصل سعره إلى ألف جنيه، فليس هناك وحدة محددة لتحديد متوسط السعر قيراط الأحجار الكريمة.
ولكن ما هي أشهر الأحجار الكريمة المتداولة في السوق المصري؟
يصل عدد الأحجار الكريمة المعروفة في السوق المصري إلى 50 نوعًا، أما عالميًا فإن عددها كثير، لا يمكن حصرها، ومن أشهر الأحجار الكريمة التي يتم استيرادها من الخارج هي الزمرد وحجر العقيق والفيروز ويوجد منها مستويات كثيرة حسب درجة النقاوة والحجم ومدى البريق، فهناك المستوى الشعبي يبدأ من 100 جنيها، ويصل إلى 2 مليون جنيه.
أما اللؤلؤ فهو يوجد في الصين واليابان والبحرين واستراليا، بالنسبة اللؤلؤ المستخرج من البحرين البحرين، فهو غير متوافر؛ نظرا لأنه طبيعي غير مستزرع، لذا فهو سعره مرتفع، أما المتوافر الآن عالميًا هو اللؤلؤ الزراعي الذي تنتجه دولتي الصين واليابان، ويتم تحديد سعره وفقا لدرجة النقاوة والجودة، فإذا كان شكل اللؤلؤ غير منتظم والحب غير متساوي، فإن سعره ينخفض، ويصل إلى 20 جنيهًا.
وترتفع أسعار حباية اللؤلؤ إذا كانت تلمع أكثر ومدى دوران الحباية، فإذا كان فرق اللؤلؤ درجة في اللون، فإن هذا يرفع سعرها حوالي 10 أضعاف ثمنها.
وكيف يتم تحديد الأسعار أم تترك للخبرة العينية؟
الأسعار مرتبطة ببلد المنشأ وتكاليف الإنتاج، وعلى سبيل المثال، فإن الصين تزرع الأحجار الكريمة في ماء نظيفة، وهنا تكلفة الإنتاج تكون أقل، أما اليابان تزرع في البحر، وهنا تكون تكلفة الإنتاج مرتفعة، فإن أسعار الأحجار ترتفع على فترات بعيدة وليس مثل الذهب.
وهناك معادلة بسيطة الحجر الصناعي كل ما صغر كل ما ارتفع ثمنه، بينما كلما كبر انخفض سعره، على عكس الحجر الطبيعي كلما صغر انخفض سعره، وكلما كبر ارتفع سعره، وذلك لآن الأحجار الصناعية تنتج بالقطعة، فهي لها علاقة بتكلفة الصناعة.
وما هو مقياس جمال الحجارة؟
كلما كان صلابة الحجر أقوى كلما كان سعره أعلى.. لذا فإن الألماس سعره مرتفع، وثاني أغلى حجر في العالم هو الياقوت.
هل توجد في مصر مناجم لاستخراج الأحجار الكريمة.. أم نعتمد على الاستيراد؟
مصر فيها الفيروز في سيناء، والمرجان في البحر الأحمر، أما الزمرد في جنوب مصر، ولكن لا يتم استخراج أي أنواع من هذه الأحجار، وذلك لآن حجر المرجان يوجد في محمية طبيعية يحظر التنقيب عنه، وأيضا الأحجار التي توجد في الجبال تحتاج إلى معدات ثقيلة وعادة تمتلكها كبرى الشركات العالمية التي لا توجد في مصر، فلا يمكن استخراج الأحجار الكريمة بشكل بدائي أو أهالي، لذا يكون من الصعب استخراج الأحجار الكريمة من مصر.
ولكن هل مصر تمتلك سوقًا وخبرات في مجال تقطيع وصقل الأحجار الكريمة؟
بالتأكيد لدينا.. ولكن بحاجه إلى أجهزة ومعدات ثقيلة غير متوافرة، كما أنها تكون مكلفة للغاية، فإن الاستيراد من الخارج يكون أوفر من تقطيع الأحجار الكريمة في مصر، وعلى سبيل المثال، فإن صناعة حجر في الصين يتكلف حوالي 10 قروش، أما في مصر يتكلف حوالي 50 جنيهًا.
وهل تأثر سوق الأحجار الكريمة مع وقف الاستيراد؟
بالفعل.. تأثر سوق الأحجار الكريمة منذ أزمة انتشار فيروس كورونا، حيث توقف الاستيراد من الخارج، ثم تابع الأحداث العالمية التي أثرت على توافر العملة الصعبة في السوق المحلي، حيث اقتصرت الحكومة المصرية الاستيراد على السلع الأساسية، لذا فإن استيراد الأحجار متوقف منذ أزمة كورونا 2020، علمًا بأن حجم الاستيراد الأحجار يكون بنسبة 99.9%، والباقي يكون صناعة قليلة للغاية لا تفي احتياجات السوق.
وهل تم تسريح العمالة من أجل توفير النفقات بعد أزمة الاستيراد؟
حدث على نطاق ضيق للغاية، خاصة وأن هناك علاقة طيبة تكون بين العامل وصاحب المكان، فمن الصعب التخلى عن العمال في هذه الفترة.
ما هي نسبة الارتفاعات في أسعار الأحجار الكريمة في مصر منذ العام الماضي؟
لم ترفع أسعار الأحجار الكريمة منذ أزمة انتشار فيروس كورونا، وذلك يعود إلى أن سوق الأحجار الكريمة محدود، ولا تكون هناك حركة كثيرة فيه مثل باقي الأسواق، فلم ترفع الأسعار من أجل الحفاظ على العملاء، على الرغم من ارتفاع الأسعار كثيرًا بالأسواق الخارجية، والأحجار التي سيتم استيرادها من الخارج ستكون أغلى بكثير من السعر الذي يباع عليه الآن في السوق المحلي، وعلى سبيل المثال “سعر الكيلو بعض الأحجار حاليًا بالوق نحو 500 جنيه، ولكن سعره عالميًا وصل إلى 600 جنيه بدون إضافة جمارك أو تكاليف النقل والعمالة”.
ما هي أكثر الدول التي نستورد منها؟ نسبة الاستيراد؟
الدولة التي نستورد منها هي الصين، حيث تصل نسبة الاستيراد إلى 99.9%، علما أن أكبر دولة لديها أحجار كريمة هي البرازيل والهند، لذا تقوم الصين باستيراد منها، على أن تقوم بعد ذلك تصنيعه، وتصديره لباقي دول العالم، فهي لديها الإمكانيات التي تساعد في تقطيع الأحجار الكريمة.
لماذا لا نستورد من البرازيل مباشرة بدلًا من الصين؟
يعود السبب أن البرازيل لديها أنواع محدودة من الأحجار الكريمة، أما الصين فهي تعد مصنع العالم، تقوم بجلب جميع أنواع الأحجار الكريمة وتقوم بتصنيعها في مصانعها، لذا فإن الشراء من الصين يعطي التاجر القدرة على التنويع في عدد الأحجار الكريمة، بدلًا من أن يكون مقيد بعدد محدود من الأحجار وغير مصنع.
ولكن هل الأحجار التي يتم استيرادها من الصين طبيعية أم صناعية؟
الصين بها كل أنواع الأحجار الكريمة سواء كانت صناعية أو طبيعية، ويجب الإشارة إلى أن الأحجار الطبيعية لا تقل عن أهمية عن الأحجار الصناعية، في القيمة ولها دور في التصنيع، بل هناك أحجار صناعية تكون مكلفة وسعرها مرتفع للغاية.
وأحيانا هناك بعض المشغولات التي لا يصلح معها أحجار طبيعية، فربما يكون هناك مشغولات ذهبية تحتاج إلى أحجار تتحمل درجة حرارة إذابة الذهب، لذا يكون الأحجار الصناعية هي الأفضل.
ما هو حجم التعاون بين تجار الأحجار وشركات الذهب في توظيف الاحجار؟
هناك تعاون كبير بين قطاع الأحجار الكريمة وشركات الذهب، حيث تلجأ الشركات إلينا من أجل توفير أنواع من الأحجار الكريمة، بأحجام وأوزان مختلفة، فأصحاب مصانع أو شركات الذهب لا تستطيع توفير الأحجار الكريمة بالأسعار والجودة التي يوفرها لها تجار.
كيف نفرق بين الأحجار الطبيعية والمزيفة أو الصناعية؟
يحتاج إلى خبير أو شخص يتعامل كثيرًا مع الأحجار الكريمة، فليس هناك أداة تساعد في معرفة الأحجار الطبيعية من المزيفة أو الصناعية، فمع تكرار شراء الأحجار، يمكن للفرد بعد ذلك يكون لديه الخبرة في التفرقة بين الأحجار.
وما هو إجمالي عدد البائعين أو المحلات العاملة في قطاع الأحجار الكريمة؟
لا يزيد عن ألفين عامل في مصر وذلك في قطاع الأحجار الكريمة فقط.
هل أصبح القطاع طاردًا للعمالة؟
بالنسبة لقطاع التجارة الأحجار الكريمة، العمالة فيه يكون بدائي جدًا، أقصى عدد عمال يكون 15 عاملًا في أكبر محل الأحجار الكريمة، وعدد العمالة في المحل الصغير لا يتعدى عاملين، فهي مهنة متوارثة من أيام اليهود ، علما أن الجيل الجديد يحب العمل في هذا القطاع.
هل تشرف مصلحة الدمغة والموازين على فحص ومراقبة أسواق الأحجار الكريمة؟
نعم، تشرف مصلحة الدمغة والموازين ولكن ليس بشكل مباشر مع تاجر الأحجار الكريمة مثل تجار الذهب، فإن المصلحة دورها الكشف عن الاحجار الكريمة عند استيرادها من الخارج، وتكون علاقتها مع مصلحة الجمارك مباشرة.
لماذا لا تنظم مصر معرضًا دوليًا للاحجار الكريمة؟
لان لا يوجد صناعة للأحجار الكريمة في مصر، فكيف يتم تنظيم معارض دولية ولا يوجد صناعة محلية، فهل يعقل أن يتم عرض أحجار كريمة مستوردة من الصين!؟، إذا كانت مصر تستخرج حجر الزمرد والفيروز، في هذه الحالة كان يمكن أن يتم المشاركة في المعارض الدولية.
هل تعد الأحجار الكريمة وعاءً لحفظ القيمة؟
بالتأكيد، فأن الأحجار الكريمة يستطيع المواطن أن يحفظ قيمة العملة من خلالها، فإذا قام بشراء حجر كريم مثل الكهرمان فإذا كان منذ 100 عام يساوي 100 جنيها، فاليوم هو يساوي بدون مبالغه نحو 200 ألف جنيه، فإن مرور الزمن عليه إعطاءه إضافة، فكلما مر الزمان على الحجر كلما ارتفع سعره، ولكن الاستثمار في الأحجار الكريمة يكون طويل الأجل.
ما هي أكثر الأحجار الكريمة التي يقبل عليها المصريون وهل يختلف بين المدن والأرياف والاقليم؟
هناك اختلاف في ثقافة المواطنين، ففي الأرياف لديهم اعتقاد أن الأحجار الكريمة تساعد في علاج بعض الأمراض النفسية مثل القلق والخوف والاكتئاب، وأيضًا لها دور في طرد الشياطين والوقاية من الحسد، أما الطبقة الرقية في المدن تشتري الحجر وفقًا لمدى مظهره وبريقة، فهو يرتدي من باب التزين وليس العلاج.
ولكن هناك معتقد أن الأحجار الكريمة تخلص الجسم من الطاقة السلبية؟
هي حقيقة، فهناك حجر الكوارتز الذي يستخدم في صناعة الساعات، فهو الذي يحدد الزمن، فمقدار تحرك العقرب بين الثانية والاخرى، هو مقدار الشعاع الذي يتعرض له، ومن ثم يحدث حركة في العقرب، وبذلك فإن حجر الكوارتز يتفاعل مع الشعاع، أي أنه له تأثير على الجسم أيضًا.
أما عن وقاية الأحجار من الحسد فهو تأثير عقائدي وظني، وليس هناك علم يقين في هذا المجال.
هل تعد حارة الصالحية مركز تجارة الأحجار في مصر؟ وتاريخيًا متى ظهر العمل بها؟
ربما يكون عمر تجارة الأحجار الكريمة في حارة الصالحية لا يتعدى الـ 100 عام، فهو ليس أثري، ولكن تاريخ ظهور حارة الصالحية من أيام الصالح نجم الدين زوج شجرة الدر.