في 8 أغسطس المقبل، تعرض منصة نتفليكس فيلمًا وثائقيًا جديدًا بعنوان “مسروق: عملية السطو الأكبر في القرن”، يعيد تسليط الضوء على أكبر سرقة ألماس في التاريخ الحديث، حين نجحت عصابة إيطالية عام 2003 في الاستيلاء على مجوهرات تزيد قيمتها عن 100 مليون دولار من قلب مركز الألماس في مدينة أنتويرب البلجيكية، متجاوزةً أكثر أنظمة الحماية تطورًا دون إطلاق رصاصة واحدة.
خطة محكمة استغرقت عامين
يسرد الوثائقي تفاصيل عملية وُصفت بأنها «سطو القرن»، إذ قاد ليوناردو نوتاربورتولو فريقًا من خمسة لصوص محترفين نفذوا خطة دقيقة امتدت تحضيراتها لأكثر من عامين، حيث تمكنوا خلالها من دراسة الموقع واختبار كل نقطة ضعف محتملة في منظومة الأمان، حتى استطاعوا التسلل إلى الخزنة الرئيسية الموجودة تحت الأرض، والتي كانت تُعتبر آنذاك الأكثر أمانًا عالميًا.
اختراق عشرة مستويات من الحماية
شملت الإجراءات الأمنية التي تم تجاوزها أبوابًا فولاذية ضخمة يصل وزنها إلى ثلاثة أطنان، وأجهزة استشعار للأشعة تحت الحمراء والحرارة، إضافة إلى أقفال مغناطيسية وإنذارات زلزالية، حيث استخدمت العصابة وسائل مبتكرة مثل رشّ مثبت الشعر على الحساسات لتعطيلها، وتغطية الأقفال المغناطيسية بألواح من الألومنيوم لتجاوزها، ما سمح لهم بفتح أكثر من مئة صندوق أمان دون إثارة أي إنذار.
مسروقات لم تُسترد بالكامل
رغم أن السلطات البلجيكية تمكنت لاحقًا من القبض على نوتاربورتولو وثلاثة من شركائه – الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن تراوحت بين خمس وعشر سنوات – فإن معظم الألماس المسروق لم يُسترد حتى اليوم، وما يزال أحد المشتبه بهم فارًا.
الوثائقي يستند إلى كتاب Flawless لمؤلفيه سكوت أندرو سيلبي وجريج كامبل، ويضم مقابلات حصرية مع محققي أنتويرب الذين قادوا التحقيق، وكذلك مع نوتاربورتولو نفسه، الذي يروي من وجهة نظره كيف خطط ونفذ ما اعتبره «العملية المثالية».
كما يسلط العمل الضوء على الشبكة المعروفة باسم «مدرسة تورينو»، وهي مجموعة من اللصوص الإيطاليين المتخصصين في السرقات عالية الاحتراف، حيث كان لكل فرد دور محدد يغطي مجالات مثل الأقفال، أجهزة الإنذار، التخفي، والنقل.
ورغم مرور أكثر من عقدين، لا تزال عملية السطو هذه مثالًا دراسيًا في عالم الأمن والجرائم الكبرى، ودليلًا على أن حتى أكثر الأنظمة تعقيدًا قد تحمل ثغرات إذا وُجد من يمتلك المهارة والوقت لاكتشافها.
ورغم مرور أكثر من عشرين عامًا على وقوعها، ما زالت سرقة أنتويرب للألماس تحظى باهتمام واسع في الإعلام وصناعة السينما. يعود ذلك إلى عدة عوامل؛ أبرزها أن العملية نُفذت بأسلوب احترافي خالٍ من العنف، ما جعلها تُصنَّف ضمن “السرقات الذكية” التي تعتمد على الدقة والابتكار بدل القوة. كما أن الغموض المحيط بمصير معظم المسروقات، وعدم القبض على جميع أفراد العصابة، أضاف بعدًا دراميًا يعزز من جاذبية القصة.
إلى جانب ذلك، تكشف هذه القضية عن ثغرات في أنظمة أمنية كانت تعتبر حينها من بين الأكثر تقدمًا في العالم، وهو ما يثير تساؤلات حول حدود التكنولوجيا في مواجهة التخطيط البشري طويل المدى، كل هذه العناصر تجعلها مادة مثالية للأفلام الوثائقية والأعمال الدرامية التي تبحث عن مزيج من التشويق والحقيقة.