أشار الدكتور مخلص الناظر، النائب الأول لرئيس مصرف سوريا المركزي، إلى أن الذهب لا يُعد مجرد معدن ثمين ارتبط بالحضارات القديمة، بل يُعتبر من أقدم وأشهر الأصول الاستثمارية التي يلجأ إليها الأفراد والمؤسسات خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي والسياسي.
وفقًا للبيانات، ارتفع سعر الذهب خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة تقارب 140% عند قياسه بالدولار الأمريكي، ورغم أن هذه النسبة تعد مرتفعة، إلا أنها تقل كثيرًا عند مقارنتها بأداء أسواق الأسهم، حيث حقق مؤشر S&P 500 مكاسب تجاوزت الذهب بأكثر من 43% خلال نفس الفترة.
أما على مدار السنوات الخمس الماضية، فقد ارتفع الذهب بنسبة 68.5%. ومع ذلك، خسر ما نسبته 85% من قيمته النسبية مقارنة بالبيتكوين، مما يبرز التغير في توجهات المستثمرين نحو الأصول الرقمية ذات النمو السريع.
الذهب كأصل تحوطي
أكد الناظر أن هذه الأرقام لا تعني فقدان الذهب لمكانته الاستثمارية، بل تعكس تغيرًا في دوره، فالذهب لم يعد أداة لبناء الثروات السريعة، وإنما أصل تحوطي يُستخدم للحفاظ على القيمة في مواجهة الأزمات الاقتصادية.
وأضاف أن الذهب يتميز عن باقي الأصول بكونه لا يعتمد على البنوك المركزية ولا يحتاج إلى اقتصاد قوي لضمانه، وهو ما يجعله ملاذًا آمنًا في فترات التضخم المرتفع، التوترات الجيوسياسية، وتقلبات العملات.
التوصيات الاستثمارية
يرى الناظر أن التعامل مع الذهب يجب أن يتم ضمن إطار استراتيجي، بحيث لا تتجاوز نسبته 5% إلى 10% من المحفظة الاستثمارية، مع ضرورة تجنب شرائه عند القمم السعرية، وتوزيع الشراء على مراحل لتخفيف أثر التقلّبات.
خصائص الذهب الاستثمارية:
-
التحوط من التضخم: يحافظ على القوة الشرائية في أوقات ارتفاع الأسعار وضعف العملة.
-
ملاذ جيوسياسي: يزيد الطلب عليه في أوقات النزاعات التجارية والسياسية.
-
أداة احتياطية: تعتمد عليه البنوك المركزية لدعم استقرار النظام المالي.
تقييم الوضع الراهن
مع تصاعد معدلات التضخم العالمي، وعودة التوترات التجارية، وفرض رسوم جمركية جديدة من قبل الإدارة الأميركية، يظل الذهب أحد الخيارات المحدودة أمام المستثمرين الباحثين عن الأمان، إلا أن عوائده المحدودة بالمقارنة مع الأسهم والعملات الرقمية تؤكد أنه لم يعد أداة استثمار هجومية، بل وسيلة تحوط في بيئة غير مستقرة.
واختتم الناظر بالإشارة إلى أن الذهب لا يزال يحتفظ بدوره التقليدي، لكنه لم يعد قادرًا على مجاراة ديناميكيات الأسواق الحديثة التي تحركها التكنولوجيا والسيولة العالية والمضاربة.