أبدت شركة فيديليتي إنترناشونال، إحدى أكبر المؤسسات الاستثمارية العالمية، تفاؤلها باستمرار الاتجاه الصعودي لأسعار الذهب، مرجّحةً أن يسجّل المعدن الأصفر مستوى 4000 دولار للأوقية بحلول نهاية عام 2026، مدعومًا بعدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية تدفع المستثمرين إلى تعزيز مراكزهم في الذهب كملاذ آمن.
جاء ذلك على لسان إيان سامسون، مدير صناديق الأصول المتعددة لدى الشركة، خلال مقابلة حديثة مع شبكة بلومبرج، حيث أكد أن فيديليتي ترى أن المرحلة الراهنة تمثل بيئة مثالية لارتفاع أسعار الذهب، رغم التذبذبات قصيرة الأجل التي قد تشهدها السوق خلال الربع الثالث من العام.
سياسة نقدية تيسيرية ودولار ضعيف
وأوضح سامسون أن التحوّل المرتقب في سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو خفض أسعار الفائدة، سيوفر أرضية صلبة لاستمرار الزخم الصعودي للذهب، وقال: “نرى مسارًا أكثر وضوحًا نحو سياسة نقدية أكثر تيسيرًا، وهو ما يدعم الذهب على المدى المتوسط.”
كما رجّحت فيديليتي أن يتراجع الدولار الأمريكي تدريجيًا مع التباطؤ المتوقع للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، مما سيعزز من جاذبية الذهب المقوّم بالدولار في الأسواق العالمية.
زيادة المراكز الاستثمارية في الذهب
ضمن هذا السياق، كشفت الشركة أن بعض صناديقها المتعددة الأصول ضاعفت نسبة الذهب في محافظها من 5% إلى 10% خلال العام الماضي، في إشارة واضحة إلى تصاعد الثقة بمكانة المعدن كأصل دفاعي وسط بيئة تتسم بارتفاع المخاطر.
ورغم تراجع الذهب من ذروته التاريخية التي تجاوزت 3500 دولار للأوقية في أبريل الماضي، لا ترى فيديليتي أن الأسعار مبالغ فيها، بل تعتبر أن مستويات النمو الحالية مشابهة لفترات الصعود القوي السابقة، مثل دورة 2001–2011 التي سجّل فيها الذهب نموًا سنويًا مركبًا يناهز 20%.
الطلب المؤسسي والرسمي يعزّز الاتجاه الصاعد
أحد أبرز العوامل التي تدعم توقعات فيديليتي يتمثل في استمرار البنوك المركزية حول العالم في شراء الذهب لتعزيز احتياطياتها. هذا التوجه، الذي بات أكثر وضوحًا في ظل التوترات الجيوسياسية واتساع العجوزات المالية في الاقتصادات الكبرى، يشكّل داعمًا طويل الأجل للأسعار.
وترى الشركة أن هذا الاتجاه الرسمي، إلى جانب تزايد المخاوف من تصاعد الرسوم الجمركية والنزاعات التجارية، يرفع من علاوة المخاطر الجيوسياسية، ويعزّز الإقبال على الذهب كأداة تحوّط ضد عدم اليقين.
آفاق السوق: تصحيح محدود وصعود ممتد
رغم الأداء القوي للذهب منذ بداية عام 2025 – حيث ارتفع بأكثر من 25% – تتوقع فيديليتي أن يشهد السوق بعض الاستقرار أو التراجع الفني المؤقت خلال أغسطس، وهو ما وصفه سامسون بأنه “سلوك موسمي معتاد”. لكنه شدد في المقابل على أن الاتجاه العام يبقى إيجابيًا، وأن أي تصحيح سيكون فرصة لبناء مراكز جديدة قبل موجة صعود محتملة.
وفي الختام، أكدت فيديليتي إنترناشونال أن مستهدف 4000 دولار للأوقية ليس مبالغًا فيه، بل يستند إلى معطيات واقعية تتعلق بالسياسات النقدية، وضعف الدولار، وازدياد الطلب الرسمي والاستثماري على الذهب، مع تحوّل واضح في سلوك الأسواق نحو المزيد من الحذر والتحوّط.