قال أحمد فهيم، الخبير الاقتصادي، إن سوق الذهب في مصر يمر حاليًا بواحدة من أكثر الفترات حساسية وتقلبًا، وهي ليست حالة جديدة على هذا السوق، لكنها تكشف في كل مرة تُطل فيها عن مدى الهشاشة التي تحكم آليات التسعير داخليًا، بمعزل نسبي عن التحركات العالمية المباشرة.
ارتفاع الدولار يكسر وتيرة الانخفاض… ويُعيد التساؤلات
وأوضح فهيم أن الدولار ارتفع في البنوك المحلية بنحو 10 قروش، في تحرّك مفاجئ بعد موجة من الانخفاضات المتتالية، إلا أنه لا يرى في هذا الصعود تحولًا جذريًا في الاتجاه العام، بل يعتبره ضمن ما يُعرف بـ”التصحيح السعري”، وهو أمر طبيعي في سياق دورة السوق النقدي.
معادلة بسيطة تفضح التباين في السعر الحقيقي
وعن تسعير الذهب، قدم فهيم معادلة مبسطة لفهم الفارق بين السعر العادل والسعر المعروض:
-
سعر الأوقية عالميًا: 3380 دولارًا
-
يُقسم على 35.55 (وهو حاصل وزن الأوقية × نقاء عيار 21)، لإيجاد السعر بالدولار للجرام.
-
ثم يُضرب الناتج في سعر الصرف الرسمي (48.60 جنيهًا)
→ الناتج هو 4620 جنيهًا كسعر منطقي لجرام الذهب عيار 21 في السوق المصري.
لكن الواقع، بحسب فهيم، يُظهر أن التجار يعرضون الجرام بسعر 4590 جنيهًا فقط، أي أقل من القيمة العادلة بنحو 30 جنيهًا، وهو ما وصفه بأنه “قبضة سعرية” واضحة يتحكم بها السوق المحلي.
المفارقة: بين التجميد المحلي وحرية التصدير
ويرى فهيم أن هذا الفارق البسيط يمنح التجار هامشًا مريحًا لتصدير الذهب الخام دون تكاليف إضافية، حيث يمكن بيع الكميات بأسعار عالمية وتحقيق أرباح رغم التسعير المنخفض محليًا، ونتيجة لذلك، يتجمد النشاط التجاري داخل السوق المحلي، إذ لا يواكب السعر حجم التحركات العالمية، التي غالبًا ما تتراوح بين 30 إلى 40 دولارًا يوميًا.
من المستفيد من هذا الوضع؟
بحسب فهيم، هناك فئتان تستفيدان من الوضع الحالي:
-
حائزو الدولار: الذين يستغلون الفارق عبر شراء الذهب محليًا وتحقيق مكاسب سريعة عند البيع.
-
حائزو السيولة بالجنيه: الذين يرون في الأسعار الحالية فرصة للشراء عند مستويات أقل من السعر العادل، خاصة مع الترقب المستمر لتحركات الدولار والذهب عالميًا.
“لا تُهاجموا الصاغة… السوق يخضع لقواعده”
واختتم فهيم تصريحاته مؤكدًا أن الهجوم المتكرر على محلات الصاغة في فترات التذبذب ليس في محله، إذ إن السوق يُدار وفق قواعد العرض والطلب، وما يحدث هو انعكاس طبيعي للتفاعل بين المتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، وليس تلاعبًا مباشرًا بالأسعار.
وأضاف:”القبضة التي يُمارسها السوق المحلي اليوم ليست سوى نتيجة حتمية لتشابك معقد بين مؤشرات الاقتصاد الكلي، وسلوك المستثمرين، وقرارات التجار… هذا المشهد يحمل توترًا بلا شك، لكنه يُخفي فرصًا حقيقية لمن يُحسن قراءة الإشارات.”