تتجه البنوك المركزية في دول أفريقيا نحو تسريع وتيرة شراء الذهب، في محاولة للتحوّط أمام تصاعد الاضطرابات الاقتصادية في الولايات المتحدة، وتزايد التوترات الجيوسياسية حول العالم.
وفي تقرير نُشر الأربعاء بصحيفة China Daily، كتبت الصحفية إديث موتيثيا أن بعض الدول الأفريقية بدأت بتأسيس برامج وطنية لشراء الذهب، مستفيدة من وفرة الموارد الذهبية في أراضيها، مشيرة إلى أن جنوب أفريقيا لطالما احتفظت بالذهب ضمن احتياطاتها، بينما تتجه دول أخرى نحو تبني استراتيجيات جديدة.
وأضافت: “تتقدّم غانا هذا التوجه، بعدما أطلقت برنامجها الوطني لشراء الذهب محليًا، ما يعكس توجهًا إقليميًا متسارعًا نحو الاستقلال النقدي والاستفادة من الموارد الطبيعية.”
نمو هائل في احتياطات الذهب الغانية
وبحسب بيانات BMI، التابعة لمجموعة Fitch، ارتفعت احتياطيات غانا من الذهب بنسبة 255%، من 8.7 طن في الربع الثاني من عام 2022 إلى أكثر من 31 طنًا بحلول الربع الأول من عام 2025.
كما وقّعت الحكومة الغانية مطلع العام الجاري اتفاقًا مع تسع شركات تعدين محلية لشراء 20% من إنتاجها من الذهب مباشرةً، بخصم 1% من السعر المعتمد في بورصة لندن للذهب (LBMA).
تأثير مباشر على العملة المحلية
قال أورسون جارد، كبير المحللين في وحدة المخاطر السيادية بأفريقيا جنوب الصحراء لدى BMI، إن ارتفاع أسعار الذهب ساهم بشكل واضح في تعزيز أداء العملة الغانية (السيدي)، التي أصبحت من بين أفضل العملات أداءً عالميًا مقابل الدولار الأمريكي.
وأضاف جارد: “نرى اتجاهًا مشابهًا يمتد إلى دول أخرى في المنطقة، حيث بدأت تنزانيا في تقديم المدفوعات مقابل الذهب بالعملة المحلية، وفق سعر يومي تُحدده هيئة التعدين الوطنية.”
موجة إقليمية تتسع
وفي السياق ذاته، أطلقت نيجيريا برنامجها الوطني لشراء الذهب العام الماضي، مدعومًا بتشريع خاص يُعزز صلاحيات البنك المركزي لشراء الذهب المحلي.
وأكد جارد أن دولًا أخرى، مثل ناميبيا ورواندا، بدأت باتخاذ خطوات ملموسة لتوسيع احتياطاتها من الذهب، فيما ناقش محافظو البنوك المركزية في كينيا وأوغندا مبادرات مماثلة علنًا.
أما في بوركينا فاسو، فقد قامت الحكومة بتأميم مناجم الذهب وإنشاء احتياطي وطني يُلزم الدولة بتخزين ما لا يقل عن 5% من إنتاجها السنوي. كما أعادت زيمبابوي إطلاق عملتها الذهبية المدعومة بالذهب “Zimbabwe Gold”، كجزء من خطة لتحقيق الاستقرار النقدي.
الذهب كركيزة استقرار… لكن المخاطر قائمة
أوضح جارد أن هذا التوجه الإقليمي يُظهر ثقة متزايدة في قدرة الذهب على دعم الاستقرار النقدي، لكنه حذّر من أن الاعتماد السريع على الذهب لا يخلو من مخاطر.
وأضاف: “أي هبوط مفاجئ في أسعار الذهب العالمية قد يُسبب خسائر جسيمة للدول التي زادت من حيازاتها بشكل كبير، خاصة تلك التي اشترت كميات كبيرة عند مستويات سعرية مرتفعة.”
وأشار إلى أن غانا وتنزانيا وأوغندا تُعد من أكثر الدول عرضة للمخاطر في حال تراجعت أسعار الذهب بشكل حاد أو استمر الاتجاه النزولي لفترة طويلة، نظرًا لاعتمادها الكبير على إيرادات صادرات الذهب كمصدر للنقد الأجنبي، إلى جانب بناء الاحتياطيات.
وقال:”انخفاض أسعار الذهب سيؤثر مباشرة على قيمة الاحتياطي، ويقلص من عائدات الصادرات، مما يُضعف تدفق العملة الأجنبية ويؤثر سلبًا على قدرة هذه الدول على تمويل وارداتها.”
تحديات السيولة والاحتفاظ الخارجي
اختتم جارد تحليله بالتأكيد على أن من أبرز التحديات التي تواجه هذه الاستراتيجية هو ضعف سيولة الذهب مقارنة بالأصول الأخرى، مشيرًا إلى أن البنوك المركزية غالبًا ما تحتفظ بالذهب في مراكز مالية عالمية لتسهيل التحويل إلى عملات أكثر سيولة، وهو ما يزيد تعقيد إدارة الاحتياطي في الأزمات.