هاجم جيفري كريستيان، الشريك الإداري في مجموعة CPM Group، ما وصفه بالمقترحات «غير المنطقية وغير القابلة للتطبيق» التي تُروّج لفكرة أن الحكومة الأمريكية، تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، قد تلجأ إلى التلاعب في سعر الذهب عبر عمليات شراء أو بيع ضخمة، من أجل إعادة تسعير المعدن النفيس و”إعادة ضبط النظام المالي”.
وقال كريستيان، في تقرير مصور، إن مثل هذه الخطط تعكس سوء فهم لطبيعة الأسواق المالية، وإن تنفيذها “سيدمّر الخزانة الأمريكية دون أن يقدّم أي حل حقيقي لأزمة الدين العام”.
“لنشترِ الذهب بسعر 10,000 دولار”… منطق هش
استشهد كريستيان بأحد المروجين لهذه النظرية الذي قال: “الخزانة لا تحتاج لبيع الذهب، بل يكفي أن تُعلن استعدادها لشراء الذهب مقابل 10000 دولار للأوقية، وعندها سيُصبح هذا هو السعر الجديد تلقائيًا، لأن لا أحد سيبيع الذهب بسعر أقل”.
لكن كريستيان ردّ على هذا المنطق قائلاً:”دعونا نفكر في الأمر عمليًا… السوق حينها كان عند 3450 دولارًا، والآن عند 3430 دولارًا، وإذا أعلنت الخزانة نيتها شراء الذهب بسعر 10000 دولار، فهل تمتلك الخزانة أصلًا المال؟ الجواب: لا، ومن ثم يستوجب عليها الاقتراض أو طباعة المال، وهو ما سيضغط على الدولار الأمريكي ويرفع أسعار الفائدة، لأن الحكومة مدينة بالفعل”.
وأضاف:”لنفترض أن الحكومة اقترضت المال وبدأت الشراء فعلاً، فإن مجرد إعلانها عن نيتها سيُشعل المضاربات، وسيبدأ الناس بشراء الذهب عند 3,450، ثم 3,480، ثم 4,000 دولار، حتى يتمكنوا من بيعه للحكومة بسعر 10,000 دولار”.
“وعندما تتوقف الحكومة عن الشراء… ينهار السعر مجددًا”
وأوضح كريستيان أن هذا السلوك سيتسبب في ارتفاع السعر بشكل مصطنع، لكنه لن يدوم،”عندما تجد الحكومة نفسها تستنزف أموالها وتشتري الذهب بديون إضافية، ستضطر للتوقف، وفور توقفها، سينهار السعر مرة أخرى إلى المستوى العادل، ولن يكون 10000 دولار بالتأكيد”.
وأكد:”الأسواق لا تعمل بهذه الطريقة،، هذا النوع من التفكير يُعرّض الدولة للإفلاس، دون تحقيق هدفه المعلن”.
الخطة البديلة؟ بيع احتياطي الذهب بسعر مرتفع… لكنها فكرة خاسرة أيضًا
تناول كريستيان خطة أخرى طُرحت عليه، تقول إن الحكومة يمكن أن تبيع احتياطي الذهب الأمريكي بالكامل (261 مليون أوقية) بسعر 18000 دولار للأوقية، وتستخدم العائد لسداد جزء من الدين العام.
لكن رد كريستيان كان حاسمًا:”هذا هراء اقتصادي، فالسعر في السوق الآن هو 3430 دولارًا، فلماذا يدفع أحد 18000 دولار؟ المستثمرون في الذهب، بعكس مشتركي الساعات والسيارات، لا يشترون بالهوى، بل بالعقل والحساب”.
كما أشار إلى أن ضخ هذا الكم الهائل في السوق سيؤدي إلى انهيار السعر لا ارتفاعه:”لو طرحت الخزانة 261 مليون أوقية دفعة واحدة – أي ما يعادل إجمالي إنتاج العالم خلال عامين – سينخفض السعر بدلًا من أن يرتفع”.
حتى بـ18000 دولار… العائد لا يكفي
حتى في السيناريو “المتفائل” حيث تُباع كل أوقية بسعر خيالي، فإن العائد سيكون محدودًا مقارنة بحجم الدين الأمريكي.
“261 مليون أوقية × 18,000 دولار = حوالي 4 تريليونات دولار، بينما إجمالي الدين الأمريكي اليوم يبلغ 38 تريليون دولار. هذا لا يُحدث فرقًا جوهريًا، وفي المقابل تفقد الخزانة أهم أصولها السائلة.”
“مجرد شعبوية وأوهام”
اختتم كريستيان تصريحه بالتأكيد على أن مثل هذه الأفكار:”ليست سوى شعبوية مفرطة، أو أمنيات غير واقعية، لأن من يروجون لها لا يملكون أي فهم حقيقي للأسواق أو السياسات النقدية”.
وفي نهاية الأمر، فشراء الذهب الحكومي بأسعار مضاعفة لا يُعيد ضبط السوق بل يُدمّر، كما أن بيع الاحتياطي الكامل بأسعار وهمية يُفلس الدولة دون جدوى، والسوق لا يستجيب “بالأمر المباشر”، بل بالتوازن بين العرض والطلب، وأخيرًأ فالديون لا تُحل بالعناوين المثيرة بل بالإصلاح المالي الهيكلي.