تواجه صناعة الذهب والألماس في الهند ضربة محتملة بعد إعلان الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الواردات الهندية، وهو ما يهدد ثاني أكبر مركز لتصنيع وصقل الألماس في العالم وأحد أبرز منتجي الحُلي والمجوهرات.
وفق بيانات وزارة التجارة الهندية، بلغت صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات إلى السوق الأمريكية 9.9 مليار دولار في 2024، تمثل نحو 12.8% من إجمالي الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة، ويحذر ممثلو القطاع من أن الرسوم الجديدة ستكون “كارثية” على الشركات والمصانع التي تعتمد على السوق الأمريكية كأكبر مشترٍ، إذ يتوقع أن يؤدي ذلك إلى تراجع الطلب وخسائر في عقود التوريد.
الهند، التي تقوم بصقل أكثر من 90% من الألماس المصقول عالميًا، تعتمد بشكل كبير على المشترين الأمريكيين، لا سيما شركات التجزئة الكبرى ودور المجوهرات العالمية، ومع دخول الرسوم حيز التنفيذ، قد تتعرض سلاسل الإمداد لاضطراب واسع، في وقت يعاني فيه القطاع بالفعل من انخفاض الطلب في بعض الأسواق الأوروبية والآسيوية.
تأثير الرسوم يتجاوز الألماس
إلى جانب المجوهرات، تشكل صادرات الذهب الهندي — سواء في صورة حُلي أو سبائك مكررة — جزءًا مهمًا من التدفقات التجارية مع الولايات المتحدة، كما أن الرسوم الإضافية ستزيد من تكلفة دخول هذه المنتجات إلى السوق الأمريكية، ما قد يدفع المستوردين للبحث عن بدائل من دول أخرى أو التفاوض على خصومات كبيرة مع المنتجين الهنود.
كما أن مصدري المأكولات البحرية، الذين يبيعون معظم إنتاجهم إلى الولايات المتحدة، قد يخسرون نحو 3 مليارات دولار سنويًا عند الرسوم البالغة 25% المطبقة حاليًا، بحسب تقديرات “مورجان ستانلي”، فيما يتوقع لقطاع النسيج فقدان عقود بقيمة 5 مليارات دولار خلال الأشهر المقبلة.
الموقف الهندي
رغم التصعيد، اتخذت الحكومة الهندية موقفًا أكثر هدوءًا مقارنة بالصين والبرازيل، وصرح رئيس الوزراء ناريندرا مودي أن بلاده “لن تساوم على مصالح المزارعين والصيادين ومربي الماشية”، مضيفًا أنه مستعد لتحمل الكلفة السياسية شخصيًا، وقد حصل على دعم المعارضة الداخلية، إذ وصف راهول غاندي، زعيم حزب المؤتمر الوطني الهندي، العقوبات بأنها “ابتزاز اقتصادي”.
ويقول محللون إن تأثير الرسوم على الاقتصاد الكلي للهند، رغم أنه كبير، لن يكون مدمّرًا، ووفق “مورجان ستانلي”، فإن فرض الرسوم على جميع السلع قد يخفض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 23 مليار دولار.
خيارات أمام نيودلهي
تسعى الهند لاستغلال مهلة الـ21 يومًا قبل تطبيق الرسوم الكاملة للبحث عن حل دبلوماسي، وتشمل تحركاتها زيارة مودي المرتقبة إلى الصين، وزيارة مستشار الأمن القومي أجيت دوفال إلى روسيا، كما تستند الهند إلى حجج بأن واشنطن نفسها تواصل تجارتها مع موسكو، وأن جزءًا كبيرًا من تعاملاتها النفطية مع روسيا يُسوى بالدرهم الإماراتي لا بالدولار.
الهند قدمت بالفعل تنازلات سابقة لواشنطن، منها خفض الرسوم على منتجات أمريكية وفتح السوق لشركات مثل “تسلا”، وزيادة واردات النفط الأمريكي بنسبة 120% خلال نصف عام، لكن ترامب وسّع شروطه لتشمل علاقة الهند بروسيا، وليس فقط العجز التجاري.
الانتظار والترقب
يرى مراقبون أن لقاءً مرتقبًا بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وربما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قد يغير المعادلة، ففي حال تحقق اختراق في ملف الحرب الأوكرانية، قد تسقط مبررات الرسوم على الهند، ما يمنح نيودلهي سببًا قويًا لاتباع سياسة الانتظار بدل تقديم تنازلات فورية.