في خطوة مفاجئة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والمالية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الاثنين عزمه إقالة ليزا كوك، حاكمة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في خطوة وُصفت بأنها التصعيد الأخطر ضد استقلالية البنك المركزي منذ عقود.
ترامب نشر عبر منصته “تروث سوشيال” رسالة إنهاء خدمة موجّهة إلى كوك، اتهمها فيها بتقديم بيانات غير صحيحة في طلبَي رهن عقاري عام 2021، أي قبل تعيينها في الفيدرالي.
وقال الرئيس في رسالته: “في ضوء سلوكك المخادع والمحتمل أن يكون جنائياً في شأن مالي، لا يمكن للشعب الأمريكي، ولا يمكنني أنا، أن أثق في نزاهتك، هذا السلوك يكشف عن إهمال جسيم يثير الشكوك حول كفاءتك وجدارتك كمنظِّم مالي.”
معركة قانونية مرتقبة
تُعد ليزا كوك أول امرأة من أصل إفريقي تشغل منصب حاكم في الاحتياطي الفيدرالي، ومن المرجح أن تواجه إقالتها تحديات قضائية قد تصل إلى المحكمة العليا، فوفق قانون الاحتياطي الفيدرالي لعام 1913، لا يملك الرئيس سلطة إقالة أحد حكام الفيدرالي إلا “لسبب وجيه”، وهو ما جرى تفسيره تاريخياً باعتباره سوء سلوك أو تقصير في الواجبات.
نجاح ترامب في هذه الخطوة سيمنحه فرصة لإعادة تشكيل مجلس المحافظين المؤلف من سبعة أعضاء – علماً بأن المدة المقررة لكل حاكم تصل إلى 14 عاماً – إذ يشغل حالياً ستة أعضاء فقط بعد استقالة أدريانا كوجلر في الثامن من أغسطس.
ترامب سبق أن عيّن كلاً من كريستوفر والر وميشيل بومان في ولايته الأولى، وهو من رشّح جيروم باول لرئاسة الفيدرالي عام 2017. كما رشّح حديثاً ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين، لشغل المقعد الشاغر، وإذا تم تثبيت ميران في مجلس الشيوخ، وتمكن ترامب من استبدال كوك، فسيحصل على أغلبية (4–3) داخل مجلس الفيدرالي.
انتقادات حادة من الديمقراطيين
الخطوة أثارت غضب الديمقراطيين الذين اعتبروها مساساً باستقلالية المؤسسة النقدية الأهم في الولايات المتحدة، السيناتور إليزابيث وارن وصفت الإعلان بأنه “انتهاك سلطوي سافر لقانون الاحتياطي الفيدرالي يجب أن يُلغى قضائياً”، أما زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، فقال إن ترامب “يلعب لعبة خطرة تشبه جينجا مع ركيزة أساسية من الاقتصاد”، محذراً من أن “محاولة تفكيك استقلال الفيدرالي تهدد مدخرات الأمريكيين وقروضهم العقارية.”
صدمة للأسواق.. والذهب يرتفع
من جانبهم، رأى محللون ماليون أن التدخل المباشر للرئيس في هيكلية الفيدرالي يفتح الباب أمام تقلبات غير محسوبة، جيمي كوكس، الشريك الإداري في مجموعة هاريس فايننشال، قال في تصريحات صحفية، إن “ما يحدث يوازي زلزالاً اقتصادياً، سواء من حيث التدخل في استقلالية الفيدرالي أو دخول الحكومة كشريك في شركات خاصة.”
وأضاف كوكس أن “ترامب يعيد تشكيل مجلس المحافظين بطرق غير تقليدية، عبر استقالة هنا وإقالة هناك، ليبعث برسالة مباشرة إلى الأسواق بأن خفض الفائدة قادم، وهو ما انعكس فوراً على منحنى العائد مع تراجع حاد في السندات قصيرة الأجل.”