حذر جوش فير، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ Scottsdale Mint، من أن سوق الذهب العالمي يشهد تحولًا تاريخيًا يتمثل في تفككه إلى كتل جيوسياسية متنافسة، ما يدفع إلى هجرة غير مسبوقة للذهب الفعلي بعيدًا عن مركزه التقليدي في لندن.
ابتعاد عن لندن كمركز رئيسي
قال فير في مقابلة حصرية مع موقع كيتكو نيوز : “العالم يشهد انقسامًا… خطوط التجارة أصبحت تحت ضغط، ولم يعد من الممكن ضمان التدفق الحر للذهب، هناك الآن توجه متزايد للابتعاد عن لندن، التي لم تعد برأيي أفضل ولاية قضائية للاحتفاظ بالمعدن.”
أزمة الرسوم الجمركية وتعطل السوق
جاءت هذه التصريحات بعد فترة مضطربة شهدها السوق إثر قرار مفاجئ من الجمارك الأمريكية في 7 أغسطس بفرض تعرفة بنسبة 39% على سبائك الذهب السويسرية، وهو القرار الذي ألغاه الرئيس دونالد ترامب لاحقًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي،
وكشف فير أن القرار أدى إلى توقف فوري في سوق الذهب الفعلي، حيث قامت مكاتب التداول بسحب جميع عروض البيع من السوق، معتبرًا أن الحادثة غيرت بشكل دائم طريقة حصول التجار والمستثمرين على المعدن.
زيادة الضغط مع دخول مشترين جدد
وأشار فير إلى أن الضغط على المعروض المادي مرشح للتفاقم مع دخول مشترين كبار جدد، مثل صناديق المعاشات الهندية، التي قد تطلق طلبًا إضافيًا على الذهب يصل إلى 17 طنًا في حال تخصيص 1% فقط من أصولها البالغة 177 مليار دولار للاستثمار في صناديق الذهب المتداولة.
هذا الطلب الشرقي المتزايد يكشف، بحسب فير، عن خلل هيكلي في بنية السوق الغربية، خاصة مع عدم كفاءة إعادة صهر سبائك لندن ذات الـ400 أوقية لتلبية الطلب الآسيوي على سبائك الكيلوجرام الواحد.
الفضة: عجز متواصل ودور استراتيجي جديد
التحول أكثر وضوحًا في سوق الفضة، التي تواجه عجزًا متوقعًا في المعروض بأكثر من 200 مليون أوقية للعام الخامس على التوالي.
وأوضح فير أن الفضة أصبحت معدنًا استراتيجيًا بفضل استخدامها في التقنيات العسكرية والذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء، ما خلق طلبًا غير اختياري جديدًا يغير طبيعة الاستثمار فيها.
وقال فير: “عليك أن تؤمن مستقبلك، الصين كانت أكثر شراسة في تأمين المعادن مقارنة بالغرب، والولايات المتحدة الآن تحاول اللحاق بها.”
الخطر الأكبر: الوصول إلى المعدن الفعلي
وحذّر فير من أن الضغط الحقيقي سيظهر عند وقوع أزمة سيولة تدفع المستهلكين الأفراد للانضمام إلى البنوك والحكومات والمصانع في الطلب على نفس الأصول في وقت واحد:”عندما يتنافس الجميع – البنوك والحكومات والمستثمرون الصناعيون والأفراد – على المعدن نفسه، عندها سنشهد انفجارًا حقيقيًا.”
واختتم فير حديثه بالإشارة إلى أن “العقد الانفجاري” الذي تنبأ به سابقًا لم يكن نتيجة ارتفاع الأسعار بقدر ما كان انعكاسًا لـ تعقيد وهشاشة البنية التحتية للسوق نفسها.
وأضاف أن الأزمة المقبلة للمستثمرين قد لا تتمثل في السعر، بل في القدرة على الوصول إلى المعدن الفعلي في ظل تزايد السيطرة والتسييس داخل السوق.