على الرغم من الارتفاعات القياسية التي سجلتها أسعار الذهب مؤخرًا، يشهد السوق المحلي موجة طلب قوية خلال الفترة الحالية، مدفوعة باستفادة المواطنين من التراجع الأخير في الأسعار الذي أعقب موجة الصعود الحادة، على أمل استئناف المعدن الأصفر اتجاهه الصاعد خلال الفترة المقبلة.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات، إن الأسواق تشهد حاليًا طلبًا مرتفعًا على السبائك والجنيهات الذهبية، في ظل نقص واضح في المعروض، بعد توجه عدد كبير من التجار للتصدير خلال الفترة الماضية، فضلًا عن موجات إعادة البيع من المواطنين مع بلوغ الأسعار مستويات تاريخية.
وأضاف أن المواطنين سارعوا إلى الشراء مع بداية التصحيح الأخير، في محاولة لاقتناص الفرص الاستثمارية المتاحة، خاصة مع تصاعد توقعات استمرار الارتفاعات، في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي عالميًا، وانتظار قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة.
وأوضح إمبابي أن نقص المعروض دفع الشركات إلى تمديد فترات تسليم الذهب لتتراوح بين أسبوع وشهر، لحين توفير الكميات المطلوبة، سواء عبر العودة إلى الاستيراد، أو الاعتماد على إعادة تدوير الذهب الكسر والمستعمل الذي يجري جمعه من السوق.
تصحيح حاد بعد ذروة تاريخية
شهدت أسعار الذهب أكبر موجة تصحيح منذ شهور بنهاية الأسبوع الماضي، نتيجة جني الأرباح بعد أن لامست الأوقية مستوى 4380 دولارًا في البورصة العالمية كأعلى سعر في تاريخها، بينما سجل الذهب عيار 21 ذروته عند 5900 جنيه، ووصل عيار 24 إلى 6750 جنيهًا.
وأشار إمبابي إلى أنّ ظاهرة مدّ فترات التسليم ليست جديدة على السوق المصري، حيث ظهرت للمرة الأولى بوضوح منذ مارس 2022 عقب قرار خفض قيمة الجنيه وتقييد الاستيراد، ما دفع المواطنين حينها إلى شراء الذهب للتحوط والحفاظ على قيمة مدخراتهم في ظل أزمة شح الدولار.
وكشف أن العديد من محال الذهب لم تعد قادرة على الالتزام بمصنعية الشركات المرتفعة، بسبب زيادة تكاليف الإنتاج مع موجات ارتفاع الأسعار.
طلب عالمي متزايد ودعوات لحماية المخزون المحلي
من جانبه، قال أسامة زرعي، رئيس قسم التحليل بشركة «جولد إيرا»، إن العالم يشهد موجة طلب واسعة على الذهب من جانب المستهلكين، في أسواق ضخمة مثل الصين والهند والولايات المتحدة واليابان وسويسرا وأستراليا، إلى جانب مشتريات قوية من البنوك المركزية والمؤسسات الدولية، ضمن استراتيجية التحوط من مخاطر تراجع العملات الورقية.
ودعا زرعي إلى ضرورة الحد من تصدير الذهب المصري، مع دخول البنك المركزي كوسيط لضخ السيولة وتوفير الكميات المطلوبة محليًا، للحفاظ على المخزون الوطني من المعدن النفيس ومنع أي فجوة عرض مستقبلية، خصوصًا مع ارتفاع الطلب العالمي بصورة لافتة.
توقعات الأسعار: تذبذب قصير… واتجاه صاعد
وأشار زرعي إلى أن الأسعار كانت متضخمة خلال الفترة الماضية وبلغت ذروتها بالفعل، وهو ما جعل التراجع إلى حدود 4125 دولارًا للأوقية أمرًا متوقعًا وطبيعيًا داخل مسار صاعد أكبر.
كما توقّع أن يواصل الذهب ارتفاعه خلال الفترة المقبلة، في ظل استمرار نفس العوامل التي غذّت الارتفاع مسبقًا، وعلى رأسها، تفاقم أزمة الدين الأمريكي، وإطالة أمد الإغلاق الحكومي وتأثيره على النمو، وضعف الثقة في السياسة المالية الأمريكية
وكشف زرعي أن الدين الحكومي الأمريكي تجاوز الأسبوع الماضي 38 تريليون دولار، وهو أسرع معدل اقتراض خارج سنوات «كورونا»، حيث ارتفع تريليون دولار إضافية منذ أغسطس فقط، في إشارة إلى تفاقم المخاطر المالية.
ورجّح أن يتراوح سعر الأوقية بين 4900 و5000 دولار خلال عام 2026.
جغرافيا التوتر تدعم الذهب
ولا تزال التوترات الجيوسياسية عاملًا مؤثرًا في قرارات المستثمرين، خصوصًا مع استمرار المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتقارير عن دراسة واشنطن فرض قيود جديدة على الصادرات قبل محادثات رفيعة المستوى، مع احتمال عقد لقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ خلال قمة «أبيك» بكوريا الجنوبية لاحقًا هذا الشهر.















































































