في ظل الارتفاعات القياسية المتواصلة للذهب وترقب الأسواق العالمية لقرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، يطرح العديد من المستثمرين تساؤلات حول العلاقة الحقيقية بين تحركات الفائدة واتجاهات الذهب، هل لا يزال قرار الفيدرالي هو المحرك الأساسي لسعر المعدن النفيس؟ أم أن الذهب بات يعكس أزمة أعمق في النظام النقدي العالمي؟
في هذا السياق، قدّم طاهر مرسي – المحلل الاقتصادي قراءة مختلفة لواقع الأسواق الراهن، معتبرًا أن الذهب يسير وفق منطق أبعد من مجرد قرارات الفائدة.
تعليق طاهر مرسي
قال مرسي إن الذهب أثبت عبر تاريخه أنه يرتفع في فترات رفع الفائدة كما يرتفع في فترات خفضها، ونجح في تسجيل قمم تاريخية في كلا الحالتين.
وأضاف: “السؤال الحقيقي: لماذا تترقب الأسواق قرار الفيدرالي الأمريكي بهذا القدر؟ ولماذا يُختزل النقاش في عدد مرات الخفض أو الرفع؟”
وأوضح أن مصطلح “الأسواق” في ذاته مصطلح غامض، إذ إن كثيرًا من المحللين الذين يستخدمونه لا يملكون تعريفًا محددًا له، ولا يعرفون على وجه الدقة كيف أو متى تتفاعل تلك الأسواق مع البيانات والقرارات.
وأكد أن هذه الأدبيات فقدت قيمتها منذ أن أقر الفيدرالي سياسات التيسير الكمي، التي منحته سلطة ضخ أموال رخيصة في النظام وشراء السندات مباشرة، وهو ما جعل التوقعات التقليدية أداة بلا معنى أمام تدخلات البنك المركزي اللامحدودة.
وأضاف مرسي: “لقد أصبح المال الرخيص، أو الورق المطبوع من العدم، هو الوقود الذي يرفع قيمة شركات لا تنتج شيئًا ملموسًا إلى مئات المليارات بمجرد طرح أسهمها، لماذا فقط الشركات الأمريكية تُقدَّر قيمتها بما يفوق ميزانيات دول كبرى، بينما إنتاجيتها في أحسن الأحوال لا تتجاوز 20% من نظيراتها في الصين مثلًا؟”
وأشار إلى أن ارتفاع الذهب اليوم لا يرتبط بالأسواق المالية أو توقعات الفائدة أو تحركات الفيدرالي كما يُشاع، بل يعكس بشكل مباشر الأزمة العميقة التي يعيشها النظام النقدي العالمي، أزمة سببتها الورقة الخضراء بعد أن وصل التضخم إلى مستويات هيكلية لم تعد أداة الفائدة قادرة على معالجتها.
واختتم مرسي بالقول: “سيستمر الذهب في الارتفاع حتى يتم التوصل إلى حل جذري لمعضلة الدولار، سواء عبر اتفاق بين القوى الكبرى لإعادة صياغة النظام النقدي العالمي، أو عبر أزمة كبرى تُعيد تشكيل قواعد اللعبة الاقتصادية من جديد.”