أثار قرار كلٍّ من معهد الأحجار الكريمة الأمريكي (GIA) ومختبر HRD Antwerp بالتراجع عن تقييم الألماس المُصنّع باستخدام نفس المعايير المعتمدة للألماس الطبيعي، جدلًا محدودًا في أوساط تجارة المجوهرات، حيث لم يُبدِ كثير من التجار اهتمامًا كبيرًا بهذا التحوّل، معتبرين أنه “لن يُغيّر شيئًا” في السوق.
ورغم أن هذا القرار جاء، بحسب الجهتين، لتعزيز التمايز بين الألماس الصناعي والمستخرج من الطبيعة، ولتأكيد القيمة الجوهرية الأعلى للأخير، فإن غالبية العاملين في القطاع لم يروه خطوة مؤثرة، إذ قالت إحدى التاجرات: “لا يهمنا الأمر طالما أن معهد IGI ما زال يُصدر الشهادات لمعظم الألماس الصناعي في السوق الأمريكية، فالمستهلكون لا يُبالون بـGIA”.
آخرون رأوا أن شهادات IGI أصبحت أكثر تأثيرًا في سوق الألماس الصناعي من GIA، نظرًا لتخصصه الأوسع في هذا النوع من الأحجار. ووفقًا لاستطلاع للرأي، قال 47% من المشاركين إن هذا التراجع من GIA وHRD لا يُعد ضربة قاضية بقدر ما هو مجرد خطوة رمزية، إذ يمكن ببساطة التوجّه إلى IGI، بينما أشار 18% إلى أن زبائنهم لا يهتمون أصلًا بوجود شهادة عند شراء الألماس المصنع، في حين رأى 13% أن التصنيفين الجديدين المعتمدين من GIA — “ستاندرد” و”بريميوم” — كافيان لهم ولعملائهم.
تساؤلات حول التوقيت والدوافع
وبرغم عدم اكتراث البعض بهذه الخطوة، فقد أثار التوقيت أسئلة عدّة، من أبرزها: “هل جاء هذا التراجع نتيجة لانخفاض أسعار الألماس الصناعي؟ وهل كانت الشهادات تستحق العناء حين كانت الأسعار مرتفعة؟”.
أحد صانعي المجوهرات وصف قرار GIA بأنه “طلقة في القدم”، مُتوقعًا أن يؤدي ذلك إلى “هجرة المستهلكين نحو IGI”، وهو ما أيده آخرون، رغم أن ذلك قد لا يكون له أثر جوهري على إيرادات GIA التي تعتمد بدرجة أكبر على الألماس الطبيعي.
ووصف أحد المشاركين هذه الخطوة بأنها جاءت “متأخرة وغير مؤثرة”، مضيفًا: “الصناعة نفسها روّجت للألماس الصناعي، حتى دي بيرز انخرطت في هذا المجال، والآن يحاولون الحدّ من تبعات ما أطلقوه بأيديهم… إنها مجرد مناورة تسويقية لإنقاذ السوق الطبيعي”.
انقسام حول أثر القرار
رغم أن غالبية الآراء لم ترَ تأثيرًا مباشرًا، فإن بعض المشاركين عبّروا عن مخاوفهم من أن يؤدي غياب التقييم المعياري إلى تآكل ثقة المستهلك. وقال أحدهم: “التقييم ضروري سواء للألماس الطبيعي أو الصناعي، لأنه يُرسّخ الشفافية ويضمن المعايير. وبدونه قد نفقد ثقة العملاء”.
وفي حين أشاد بعضهم بموقف HRD بعدم إصدار شهادات للألماس الصناعي، رأى آخرون أن قيام GIA بابتكار نظام جديد خاص به قد يُربك السوق أكثر، خاصةً أن التصنيفين “بريميوم” و”ستاندرد” لا يعكسان بالضرورة درجات دقيقة، مما يجعل التقييم غامضًا لدى كثير من المتعاملين.
شهادات داخلية ومخاطر التضليل
طرحت بعض الأصوات احتمالية ازدياد الاعتماد على “شهادات داخلية” صادرة عن التجار أو المصنّعين، وهو ما قد يفتح الباب لمزيد من الغموض وربما التلاعب.
وأشار 4% فقط من المشاركين إلى أن انسحاب GIA وHRD قد يُؤثر سلبًا على مبيعاتهم من الألماس الصناعي، بينما قال 8% إن القرار خيّب آمالهم وأشعرهم بانعدام الثقة من جانب مؤسسات كبرى تجاه الألماس المصنع. بشكل مفاجئ، 10% قالوا إنهم أعادوا النظر في بيع هذا النوع من الألماس بعد الخطوة الأخيرة للمختبرين.
الألماس الطبيعي كعمل فني أصلي
واختتم أحد المشاركين بتشبيه فلسفي لافت، قائلاً: “في عالم الفن، نُقيّم اللوحات الأصلية مثل الموناليزا بتقنيات دقيقة، لكن لا أحد يُقيّم النسخ المطبوعة منها، حتى وإن كانت ذات جودة عالية، الألماس الطبيعي أشبه بتحفة طبيعية لا تُكرّر، بينما الألماس الصناعي هو مجرد نسخة متقنة لا تحتاج إلى تقييم، لأنها ببساطة ليست الأصل”.