أثارت تصريحات البيت الأبيض بشأن نية إصدار أمر تنفيذي لتوضيح التعريفات الجمركية على سبائك الذهب حالة من القلق في الأسواق العالمية، بعدما كشفت وثيقة صادرة عن هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية (CBP) بتاريخ 31 يوليو أن السبائك التي تحمل دمغة أو ختمًا قد تُصنّف كـ”نصف مصنّعة” وتخضع لرسوم قد تصل إلى 39%، بعدما كانت تُستورد بإعفاءات جمركية.
المحلل الاقتصادي أسامة زرعي رئيس قسم التحليل بشركة جولد إيرا للتجارة والاستثمار في الذهب، أوضح أن القرار – حال تطبيقه – سيشمل في الأساس سبائك الكيلوجرام و100 أوقية، المصنفة تحت الرمز الجمركي 7108.13.5500، بينما يظل الذهب الخام غير المشغول (7108.12.10) خارج نطاق هذه الرسوم.
وأضاف: “أقل معدل للتعريفة سيكون 10%، لكن يمكن أن يصل إلى 39% وفق القواعد الأمريكية، وهو ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان القرار سيُطبق بأثر رجعي، ما قد يجبر المستوردين على إعادة تصنيف شحنات سابقة ودفع رسوم عليها”.
وفيما أثيرت مخاوف من استهداف سويسرا – أكبر مركز لتكرير الذهب عالميًا – أكد زرعي أنه لا يرى استهدافًا مباشرًا، موضحًا أن معظم صادرات سويسرا لأمريكا تأتي في إطار عمليات Toll Refining، حيث تقوم المصافي بتكرير الذهب لصالح البنوك وبيوت التجارة مقابل عمولات ضئيلة لا تتجاوز دولارًا واحدًا للأوقية.
وأشار إلى أن الهدف الأرجح قد يكون تقليص هيمنة التكرير السويسري وتعزيز دور المصافي الأمريكية وبورصة كومكس كمركز رئيسي لاكتشاف الأسعار.
وحول تأثير القرار على حركة السوق، قال زرعي: “معظم الذهب المتاح في السوق الأمريكي مكرر في سويسرا، ما يجعله معرضًا مباشرةً لرسوم 39%، وهذا انعكس على أسعار العقود الآجلة في كومكس التي سجلت نحو 3500 دولار للأوقية”.
وأضاف أن البنوك حاليًا في مراكز بيع على العقود الآجلة مقابل مشتريات فعلية من الذهب، لكن فرض الرسوم قد يحد من قدرتها على تسوية هذه العقود بالذهب الفعلي القادم من لندن أو سويسرا.
وفي ظل هذه المعطيات، يرى زرعي أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو إعادة تسعير الذهب وفق أقل تكلفة استيراد من دول أخرى لديها قدرة تكرير ورسوم أقل، مثل إيطاليا، لكنه حذر من أن تشديد القيود على المعروض القابل للتسليم سيؤدي إلى شح في السوق، خاصة مع صعوبة إعادة رهن السبائك في النظام المالي وفق قواعد بازل 3، ما قد يدفع الأسعار للصعود بقوة إذا اضطرت البنوك إلى إغلاق مراكزها المكشوفة.
واختتم زرعي تحليله قائلاً: “الأسواق تنتظر بترقب توضيح البيت الأبيض، وأي قرار نهائي سيحدد اتجاه السوق، سواء بتهدئة المخاوف أو إشعال موجة صعود جديدة”.