في ظل سوق صاعد قوي للمعادن النفيسة، وفي وقت يسجل فيه الذهب مستويات قياسية شبه يومية، لا تزال الفضة تتفوق على المعدن الأصفر خلال عام 2025.
وبحسب بيتر كراوث، المحلل في SilverStockInvestor، فإن الفضة تستفيد من العوامل نفسها التي تدفع الذهب للصعود، مثل التفاؤل بخفض أسعار الفائدة ومخاوف التضخم، لكنها تتمتع أيضًا بمحركات سعرية إضافية لا يملكها الذهب.
وقال كراوث في تصرياحت صحفية: “أعتقد أن نصف المحركات تقريبًا هي نفسها التي تدفع الذهب، بينما النصف الآخر يختلف كليًا، وهو جانب الندرة، يمكنك القول إن الذهب نادر أيضًا، لكنه لا يواجه نفس الضغوط على جانب العرض مثل الفضة”.
ضغوط السياسة النقدية ومحركات العرض
أوضح كراوث أن كلا المعدنين تلقيا دفعة عندما بدأ السوق في تسعير استئناف دورة خفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي بشكل جدي.
وأضاف: “منذ أغسطس تقريبًا، شهدنا ارتفاعًا من 36 دولارًا إلى نحو 38.40 دولارًا، وكان ذلك انعكاسًا لتوقعات السوق بأن الفيدرالي سيخفض الفائدة في سبتمبر”.
وأشار إلى أن الفيدرالي بات مضطرًا للتضحية بكبح التضخم من أجل الحفاظ على التوظيف، مضيفًا: “إذا قررت خفض الفائدة بينما التضخم مرتفع، فهذا يفتح الباب على مصراعيه”.
وعلى الجانب الآخر، أكد أن الفضة تستفيد من عجز في الإمدادات يجعلها قادرة على التفوق على الذهب حتى مع الطلب المتزايد والأسعار القياسية.
وقال: “المخزونات الثانوية القابلة للتحديد تراجعت بشكل كبير خلال السنوات الأربع الماضية. في فبراير الماضي كان سعر الفضة 22 دولارًا، وقد تضاعف تقريبًا منذ ذلك الحين”.
دور الاستخدامات الصناعية والطاقة الشمسية
بينما يشكل الاستخدام الصناعي جزءًا ضئيلًا من الطلب على الذهب، يُستهلك أكثر من نصف المعروض العالمي من الفضة في التطبيقات الصناعية، ويرى كراوث أن السوق قد بالغ في تقدير ضعف الطلب الصناعي، خصوصًا مع استمرار دور الطاقة الشمسية.
وأوضح: “أحد الجوانب التي لم يتم التركيز عليها كفاية هو أن تخزين الطاقة عبر البطاريات غيّر المشهد بشكل كبير، الآن مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تدمج الطاقة الشمسية مع التخزين بالبطاريات، خاصة مع انخفاض تكاليف البطاريات”.
وأضاف: “ميزة الطاقة الشمسية أنها سريعة التنفيذ مقارنة بمشاريع مثل الطاقة النووية، حيث تحتاج الأخيرة 15 عامًا من الفكرة للتشغيل، بينما لا تستغرق الطاقة الشمسية سوى نحو 1.4 سنة”.
شح السيولة في الأسواق العالمية
تطرق كراوث إلى ضغوط أخرى مرتبطة بسوق الاستثمار، حيث تسببت الحروب التجارية والرسوم الجمركية الجديدة في زيادة القيود على الإمدادات.
وأوضح أن السيولة في سوق لندن تراجعت، بينما تم تحويل كميات كبيرة من الفضة إلى نيويورك ولم تعد.
وأشار أيضًا إلى أن 80% من مخزونات لندن مخصصة الآن لصناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، ما يترك 20% فقط متاحة للإقراض أو التسليم.
السياسة النقدية الأمريكية كمحفز رئيسي
أكد كراوث أن أكبر محفز للفضة حاليًا هو السياسة النقدية الميسرة للاحتياطي الفيدرالي، مستشهدًا بالسوابق التاريخية: “في كل من دورات خفض الفائدة الثلاث الماضية (2000، 2008، 2020)، عندما استأنف الفيدرالي الخفض بعد فترة توقف، شهدت الفضة انطلاقة قوية”.
وأوضح أن الفضة حققت في المتوسط مكاسب بنسبة 332% خلال 12 إلى 18 شهرًا في تلك الفترات.
وأضاف: “لو حدث ذلك اليوم بدءًا من 35 دولارًا، فإن السعر قد يتجاوز 100 دولار للأوقية”.
توقعات المدى القريب والمتوسط
حذر كراوث من احتمالية حدوث تراجع قصير المدى بعد خفض الفائدة في سبتمبر، قائلًا: “قد ترتفع الفضة إلى 42 أو 43 دولارًا قبل أن نشهد تصحيحًا. سيكون ذلك نموذجًا كلاسيكيًا لقاعدة ‘اشترِ الشائعة وبِع الخبر'”.
لكن على المدى المتوسط، أكد أن هذه التصحيحات تمثل فرصًا للشراء، متوقعًا أن تصل الفضة إلى نحو 45 دولارًا بنهاية هذا العام، وأن بلوغ 50 دولارًا العام المقبل “مرجح للغاية”.