أعلن الصائغ عادل نصيف، مؤسس مصنع «جلو جولد» وأحد أبرز رموز الصياغة اليدوية في مصر، عن تصفية أعماله وتخارج شركته من سوق الذهب، بعد مسيرة طويلة امتدت لعقود، بدأها من الصفر كـ«صبي» في ورش عائلة شفيق غالي، قبل أن يؤسس مصنعه الخاص الذي اشتهر بإنتاج مشغولات عالية الجودة تعتمد على الحرفة اليدوية الدقيقة.
يُعد نصيف من الرواد الذين تمسكوا بفن الصياغة التقليدية، حيث ظلّ يعتمد على العمل اليدوي الكامل في مختلف مراحل الإنتاج، رغم امتلاكه مصنعًا مجهزًا بخطوط إنتاج متطورة، وكان يشرف بنفسه على مراحل التصنيع، ناقلًا خبراته إلى الأجيال الجديدة.
ويُعتبر خروجه من السوق خسارة كبيرة لصناعة الذهب اليدوي، التي تواجه اليوم تحديات متزايدة مع التوسع في التكنولوجيا وخطوط الإنتاج الآلية.
«جلو جولد».. مدرسة في الصياغة اليدوية
اعتمدت شركة «جلو جولد» على التصنيع اليدوي الخالص، وكانت تطرح في السوق المحلي نحو 100 كيلوجرام سنويًا من المشغولات عيار 18، تُعرف بجودتها العالية تحت مسمى «سوبر لوكس».
المشغولات اليدوية تختلف عن المنتجات الآلية من حيث الجهد والزمن والتكلفة، حيث تستغرق عملية التصنيع وقتًا أطول وتتطلب مهارة عالية، إضافة إلى ارتفاع نسبة الفاقد من الذهب أو ما يُعرف بـ«الخُسية»، مما يجعل المصنعية أعلى مقارنة بمنتجات خطوط «السبك».
مصنع جلو جولد تخصص في إنتاج ينتج المشغولات الذهبية من عيار 18 بألوان مختلفة مثل الأبيض، والأصفر الإيطالي، والوردي، والأصفر الذهبي، وتُستخلص الألوان داخل الخلطة نفسها (تحييف الذهب) وليس عبر التلوين الكهربائي، وهو ما يمنح المشغولات ثباتًا وجودة أعلى.
ولم تكن جلو جولد لا تتبع سياسة استرداد وزن الأحجار عند البيع، نظرًا لأن نسبة الأحجار لا تتجاوز 2% من وزن القطعة، بما يعادل 20 جرامًا في كل كيلوغرام من المشغولات.
استثمارات كبيرة وتاريخ طويل
يبلغ حجم استثمارات الشركة نحو 100 مليون جنيه، تشمل المصنع والمعدات وخام الذهب، وتمتلك مصنعًا داخل منطقة الصاغة بالحسين على مساحة 1000 متر مربع.
تأسست الشركة عام 1975، لكنها توقفت مؤقتًا عقب ثورة يناير بسبب حالة الركود التي ضربت السوق، ثم عادت للعمل عام 2016 تحت مسمى «جلو جولد» بعد إعادة هيكلة النشاط.
سوق الذهب مرّ بفترات عصيبة منذ عام 2011، حيث أدت الأحداث السياسية وقرار تعويم الجنيه وارتفاع أسعار الطاقة وتكاليف الإنتاج إلى خروج عدد كبير من المصنعين، في وقت شهدت فيه الأسعار قفزات تاريخية، إذ ارتفع سعر الجرام من 260 جنيهًا إلى 925 جنيهًا.
برحيله عن السوق، يُغلق عادل نصيف فصلًا من فصول الذهب اليدوي المصري الأصيل، ومع ذلك، يبقى اسمه حاضرًا كأحد العلامات البارزة في تاريخ الصاغة المصرية.