قررت الهيئة العامة للرقابة المالية السماح لشركات تأمينات الأشخاص وعمليات تكوين الأموال بالاستثمار المباشر في المعادن النفيسة وعلى رأسها الذهب، في خطوة تُعد الأولى من نوعها داخل السوق المصرية، ضمن جهود الهيئة لتوسيع أدوات الادخار وتنويع المحافظ الاستثمارية.
ويأتي القرار، الصادر تحت رقم 228 لسنة 2025، في إطار استراتيجية الهيئة الرامية إلى تعظيم العوائد الاستثمارية لشركات التأمين وتعزيز الابتكار في القطاع المالي غير المصرفي، بحسب بيان رسمي صدر اليوم.
ونص القرار على سماح شركات التأمين بالاستثمار في الذهب والمعادن النفيسة بشكل مباشر، سواء عند توجيه الأموال المقابلة للجزء الاستثماري من وثائق التأمين أو لعقود تكوين الأموال، شريطة الحصول على موافقة مسبقة من الهيئة.
وأوضح البيان أن الجزء الاستثماري من وثائق التأمين يمثل حصة العميل المخصصة للاستثمار وليس لتغطية المخاطر التأمينية، بينما تُعد عمليات تكوين الأموال برامج ادخار واستثمار تُقدّمها شركات التأمين لتوجيه أموال العملاء نحو أدوات آمنة ومربحة.
وأكد محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن القرار يمثل “نقلة استراتيجية في تطوير أدوات الادخار والاستثمار بالسوق المصرية”، موضحًا أنه “يفتح آفاقًا جديدة أمام شركات التأمين لتعظيم عوائد حملة الوثائق، ضمن إطار رقابي صارم يضمن الشفافية وحماية حقوق العملاء”.
وأضاف فريد أن القرار يعكس رؤية الهيئة الاستباقية لتطوير المنظومة المالية غير المصرفية، مشددًا على أن الهيئة لا تكتفي بابتكار أدوات استثمارية جديدة، بل تسعى إلى توفير بدائل آمنة مثل الاستثمار في الذهب من خلال وثائق التأمين، ما يمنح المواطنين فرصًا متنوعة لبناء مدخراتهم.
وتضمن القرار حزمة من الضوابط الصارمة تشمل ضرورة موافقة مجالس إدارات الشركات، والتعامل فقط مع جهات مقيدة لدى الهيئة، إلى جانب إجراء تقييمات مستقلة للمعادن لضمان الشفافية ومنع أي ممارسات استثمارية عشوائية.
وأكد رئيس الهيئة أن القرار “يوازن بين الابتكار وإدارة المخاطر”، موضحًا أن أي استثمار في المعادن لن يتم دون موافقة صريحة ومستنيرة من العميل بعد تقديم شرح مكتوب ومرئي يوضح المزايا والمخاطر المحتملة، حفاظًا على مبدأ أن العميل هو “صاحب القرار النهائي”.
كما ألزم القرار شركات التأمين بإدراج أنواع المعادن المسموح الاستثمار فيها ضمن سياساتها الاستثمارية الرسمية، مع تحديد العوائد المستهدفة ونسب السيولة المطلوبة للوفاء بالالتزامات.
وتضمنت الضوابط أيضًا قواعد صارمة لعمليات البيع والشراء والحفظ، حيث اشترطت الهيئة تنفيذ جميع العمليات عبر جهات مقيدة في السجل المعتمد لديها وفقًا لقرار مجلس الإدارة رقم (52) لسنة 2023، مع موافاة الهيئة بالعقود والحصول على عدم ممانعتها قبل التنفيذ.
وألزمت الهيئة الشركات بفصل وتقييم المعادن المُشتراة من كل جهة على حدة في حال التعامل مع أكثر من جهة بيع، والتعاقد مع شركة إدارة مرخصة لتقييم الاستثمارات الدورية في المعادن، على أن تُخطر الهيئة بنسخ العقود وتحصل على موافقتها قبل التنفيذ.
وفيما يتعلق بحماية العملاء، شددت الهيئة على ضرورة توعية المستثمرين بطبيعة الاستثمار في المعادن ومخاطره ومزاياه، عبر مواد مكتوبة وفيديوهات تعريفية مبسطة، قبل الحصول على موافقتهم لتوجيه جزء من أقساط التأمين نحو الاستثمار في الذهب.
كما ألزمت الهيئة شركات التأمين بإدراج تفاصيل استثماراتها في المعادن النفيسة ضمن تقاريرها السنوية والربع السنوية، موضحة نسبتها من إجمالي المحفظة والعوائد المحققة والتكاليف الخاصة بكل معدن، دعمًا لمبدأ الشفافية والحوكمة المنصوص عليه في قانون التأمين الموحد رقم 155 لسنة 2024.
وفي سياق متصل، قررت الهيئة إلزام شركات التأمين باستثمار ما لا يقل عن 2.5% من رأس المال المدفوع في صناديق الأسهم المفتوحة، وتوجيه حد أدنى 5% من الأموال الحرة إلى هذه الصناديق، في إطار سياسة أوسع تهدف إلى تنشيط سوق المال وتعزيز الاستثمار المؤسسي.
كما تستعد الهيئة لإصدار قرار جديد ينظم قواعد ونسب استثمار صناديق التأمين الحكومية، على أن يتضمن حدًا أدنى 5% للاستثمار في البورصة وصناديق الاستثمار المفتوحة، دعمًا لدور قطاع التأمين في تمويل النمو الاقتصادي وتعزيز الاستقرار المالي.

















































































