أصبح الاستثمار والادخار أكثر ما يهتم به المواطنين خلال الفترة الأخيرة ، بفعل ارتفاع الأسعار ، وراتفاع معدلات التضخم ، وعدم الاستقرار الاقتصادي، ومن ثم اتجه كثير من الناس إلى الذهب وخاصة السبائك والجينهات، لحفظ قيمة الأوال، والتحوط في ظل الأزمات المالية، جاء ذلك وسط متابعة المستثمرين لقرارات البنوك المركزية ورفع أسعار الفائدة تارة وتثبيتها تارة أخرى ، لمحاولة كبح التضخم، وإعانة البطالة ، مما أدى زيادة الإقبال على شراء السبائك، والإستثمار في العملات المشفرة ، كبديلا للاستثمار البنكي.
ويعتبر الذهب أداة الاستقرار الأمنة، ووسيلة التحوط التي يمكن للمواطن حماية أمواله فيها ، والسبب في ذلك أن الذهب أصل ملموس ذو عرض محدود، لذلك فإنه أداة توفر الاستقرار، ويمكن حماية الاستثمار فيه ،كما تلعب الأحداث الاقتصادية والأزمات بشكل عام دورًا مهمًا في ازدهار الإقبال على هذا المعدن، فخلال جائحة «كوفيد-19» في أغسطس 2020، وصلت أسعار الذهب وقتها إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 2075 دولارًا ، وفقًا لتقرير نشره موقع “سي إن إن” الإخباري .
وشهد العام الحالي 2023 زيادة الطلب على السبائك الذهبية، خاصة بعد انتشار فوضى البنوك التي أدت إلى إفلاس البعض، حيث بلغ الطلب على سبائك الذهب والعملات الذهبية في الولايات المتحدة أعلى مستوياته منذ 13 عامًا في الربع الثاني، وذلك وفقًا لتقرير نشره مجلس الذهب العالمي في أغسطس الماضي، إذ لفت إلى الآثار اللاحقة للأزمة المصرفية، بعدما دعمت الطلب في وقت مبكر من هذا الربع، كما دفعت بعجلة المفاوضات المتوترة حول سقف الديون الأمريكية إلى الأمام.
وفي مصر حقق المستثمرون في الذهب ارباحًا كبيرة منذ مارس 2022، ومع قرار الدولة خفض قيمة العملة، وذلك مقارنة بأرباح امواطنين الذين اتجهوا لشهادات ذات العائد 18 %، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب لنحو 2900 جنيه في مايو 2023، وتوجه أصحاب الشهادات للذهب لحفظ قيمة أموالهم وتعويض خسائرهم من الشهادات.
حيث تضاعفت مشتريات المصريين من العملات وسبائك الذهب في المنطقة العربية نحو 3 مرات ، خلال الربع الثاني من العام، وذلك مع ارتفاع وتيرة التضخم ، وتدهور الجنيه المصري ، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ، بدافع التحوط ضد التضخم و انخفاض الجنيه، حسب بيانات مجلس الذهب العالمي .
وتشير البيانات إلى أن المصريين اشتروا أكثر من عشرة أطنان من العملات والسبائك الذهبية خلال الربع الثاني من العام، بارتفاع نسبته 214 % مقارنة بالعام الماضي.
ووصلت قيمة كيلوجرام الذهب إلى أعلى مستوى قياسي لها منذ عام واحد عند نحو 64 ألف دولار في أبريل ، وفقًا لبيانات «ريفينيتيف»، بينما ناهزت 62 ألف دولار مع بداية سبتمبر ، بعدما كانت في أدنى مستوياتها في نوفمبر الثاني 2022.أما سعر أونصة الذهب فقد بلغ بحلول يوم الجمعة أكثر من 1924 دولارًا، وفقًا للبيانات ذاتها.
السبائك أفضل أم الاستثمار البنكي…؟
يميل البعض إلى الذهب بين أيديهم على الاستثمار؛ فعلى الرغم من القدرة على الثقة في صندوق استثماري متداول في الذهب، فإنه يخضع لمعايير السوق، ويرتبط بها؛ لذلك فإن انخفض السوق، سيتعرض المستثمر للخسائر نتيجة لذلك، على عكس مالك سبائك الذهب أو العملات الذهبية.
ولكن تباطأ الطلب منذ أزمة إفلاس البنوك، لكن من المرجَّح أن ينتعش مرة أخرى في حالة ظهور أي علامات على عدم الاستقرار المصرفي، ومع اقتراب الحملات الانتخابية الرئاسية الأمريكية لعام 2024، وفقًا لتقرير مجلس الذهب العالمي.
وأكد تقرير المجلس العالمي للذهب أنه على الرغم من التباطؤ الطفيف ، إلا أن الطلب العالمي على الذهب ظل قويا بين شهري أبريل ويونيو من شركات صناعة الحُلي التي تمثّل نحو نصف الطلب على المعدن، كما ارتفعت إمدادات الذهب بنحو 7 % على أساس سنوي إلى 1255 طنًا بنهاية يوليو ، وسجّل إنتاج المناجم من الذهب مستويات قياسية عند 1781 طنًا حتى الشهر ذاته.
كما تأثر سوق المعدن الأصفر العالمي بدول مثل سويسرا والمملكة المتحدة وروسيا، إذ تسيطر هذه البلدان الثلاثة معًا على 31.2 % من إجمالي صادرات الذهب العالمية، وفقًا لمرصد التعقيد الاقتصادي .
وبالنسبة لسبائك الذهب، فإن حركة الاستثمار فيها إلى جانب العملات الذهبية ارتفعت بنسبة 6 % على أساس سنوي إلى 277 طنًا، بينما شهدت صناديق الاستثمار المتداولة تدفقات خارجة صافية بلغت 21 طنًا مقابل 47 طنًا خلال الفترة نفسها من 2022، ما يؤكد قوة هذا المعدن النفيس وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي .