قال الدكتور مخلص نزار، النائب الأول لحاكم مصرف سوريا المركزي، على مدار عقود طويلة، تراجع دور الذهب في النظام المالي العالمي بعد أن فقد ارتباطه المباشر بالدولار، لكن اليوم، تعود المؤشرات لتؤكد أن المعدن النفيس يستعيد موقعه كعنصر محوري في النظام الاقتصادي الدولي.
من بريتون وودز إلى نيكسون
أضاف، أنه في عام 1944، أسس اتفاق بريتون موودز ركيزة النظام المالي الحديث، حيث رُبطت العملات بالدولار الأمريكي، وربط الدولار نفسه بالذهب عند 35 دولارًا للأوقية، لكن هذا النظام انهار عام 1971 عندما أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وقف قابلية تحويل الدولار إلى ذهب، ليصبح الدولار عملة ورقية بحتة، وليبدأ تراجع الدور النقدي للذهب.
انفجار الديون والكتلة النقدية
أشار إلى أنه منذ ذلك الحين، شهد الاقتصاد الأمريكي تحولات جذرية، حيث قفز حجم الدين من 398 مليار دولار إلى أكثر من 102 تريليون دولار، وارتفع عرض النقود (M2) من 650 مليارًا إلى نحو 21.5 تريليون دولار، كما نما الناتج المحلي الإجمالي من 1.16 تريليون دولار إلى حوالي 30.3 تريليون دولار.
لكن الملاحَظ أن الدين والكتلة النقدية نمَيا بوتيرة أسرع بكثير من الاقتصاد الحقيقي، فيما انخفضت حصة الذهب من الأصول العالمية من 20–30% إلى ما يقارب 1% فقط.
تحولات جيوسياسية تعيد الاعتبار للذهب
اليوم، تبدو الصورة مختلفة، العقوبات الأمريكية دفعت دول بريكس إلى تسوية تجارة النفط بالذهب، والصين تنقل جزءًا من احتياطياتها الذهبية إلى الخارج لدعم تجارة اليوان.
كما أن البنوك المركزية حول العالم باتت تفضل شراء الذهب بدلًا من السندات الأمريكية، وحتى بعض مصدري العملات المستقرة (مثل Tether) بدأوا بتخزين الذهب كضمان إضافي.
الذهب يغطي القليل من الدين العالمي
رغم وصول سعر الأوقية إلى نحو 3,500 دولار، إلا أن الذهب لا يغطي سوى جزء ضئيل جدًا من الدين العالمي المتضخم. ما يعني أن سد هذه الفجوة يتطلب صعودًا أكبر بكثير في سعر المعدن النفيس خلال السنوات المقبلة.
يقول د. مخلص نزار: “الذهب لم يعد مجرد ملاذ آمن يلجأ إليه المستثمرون عند الأزمات، بل يعود اليوم ليشكل جزءًا أصيلًا من نسيج النظام المالي العالمي. إعادة التوازن بين النقود الورقية والذهب لم تعد فكرة نظرية، بل واقع تفرضه التحولات الجيوسياسية، وحقائق الدين العالمي المتنامي.”